قد تتحول الحياة في لحظة، وبالنسبة لعضو مجلس الشيوخ السابق «بوب كيري»، فإن هذه اللحظة جاءت في 25 فبراير 1969، عندما قاد، كملازم شاب في قوات البحر والبر والجو الأميركية (سيل)، فرقته إلى قرية «ثانه فونج» التايلاندية. وعند الوقت الذي انسحبت فيه الفرقة، كان 20 مدنياً قد ذبحوا، من بينهم 13 طفلاً، بحسب ما ذكر الناجون. وذكر لي كيري عبر الهاتف: «كان هذا يلاحقني من اللحظة التي انسحبنا فيها من المنطقة. كنت أعلم أننا فعلنا شيئاً خطأً. لم أذهب قائلاً إن هذا كان عظيماً، ولكن إذا لم تستطع ضبط نفسك، يجب أن تنهي حياتك». في الواقع، فقد ذهب كيري لبناء علاقة خاصة بين الولايات المتحدة وفيتنام. كان مدافعاً عن التطبيع الذي التأمت من خلاله جروح عديدة، فقد ازدهرت التجارة، والاستقبال الحافل الذي أعد للرئيس أوباما الشهر الماضي كان دليلاً على المصالحة الرائعة. ويعد التعليم من المجالات التي عمل فيها كيري بجد، سواء كعضو في مجلس الشيوخ، أو فيما بعد كرئيس للمدرسة الجديدة (نيو سكول) في نيويورك. ولسنوات عديدة، ساعد كيري في جمع الأموال لمشروع أعلن عنه أوباما: افتتاح جامعة فولبرايت في فيتنام، والتي تعد أول جامعة خاصة في البلاد، ومن المقرر أن تستقبل هذه الجامعة، التي شارك الكونجرس في تأسيسها، أول دفعة من الطلاب العام المقبل، وقد تم تعيين كيري رئيساً لمجلس إدارتها. وقد أشعل التعيين في هذا المنصب عاصفة. من المقاهي وحتى الفيسبوك، يحتدم النقاش حول ما إذا كان كيري مناسباً لمنصب رئيس الجامعة. بعض الناس يقولون، مهما كان ندمه الشديد، فإن اعترافه بقتل نساء وأطفال فيتناميين بدم بارد يجعله غير مؤهل لهذا المنصب. وقد منح كيري النجمة البرونزية بعد أن أبلغت وحدته كذباً أنها قتلت 21 من مقاتلي «الفيت كونج» (الجبهة الوطنية لتحرير جنوب فيتنام). ولأكثر من 30 عاماً، ظل صامتاً حتى كانت صحيفة «نيويورك تايمز» وشبكة «سي بي إس نيوز» على وشك نشر تحقيق مشترك عام 2001. وقد سألت كيري ما إذا كانت جهوده نيابة عن فيتنام لها هدف تعويضي، فقال إن الواقعة وعمله كانا بمثابة «حلزون مزدوج»، ولا يمكن فصل أحدهما عن الآخر. وسألته عن صمته الطويل، فقال: «بالنسبة لجندي في الحرب، فإن التزام الصمت ليس حالة شاذة، بل قاعدة». أن تمر بهذا الألم مرة أخرى («جزء مني يريد الفرار منه، هكذا قال لي») هو مقياس لالتزام كيري. إنني أفهم «فام ثوي هونج» من هانوي عندما كتب على فيسبوك: «إنني لا أستطيع النظر إلى وجهه». إنني أستمع لكيري وأفكر أيضاً في «بوي فان فات»، وهو جد يبلغ من العمر 65 عاماً تم شق حلقه، بحسب ما ذكر الناجون. إن ارتفاع السلام فوق الظلم ينطوي على الصراع مع معضلات أخلاقية مستحيلة. ورأى «نجوين نجوك تشو»، وهو عالم رياضيات في بيان له يؤيد كيري، أن هناك دروساً قيمة في المناقشة لأول دفعة من طلاب الجامعة: إن كل حكم يتطلب سياقاً تاريخياً، والناس الناجحون يعيشون من أجل المستقبل بدلاً من أحقاد الماضي. وبالتأكيد، هذه المناقشة النشطة والمفتوحة تعد مثالاً لما يجب أن تجسده الجامعة في دولة تخضع لحكم حزب واحد. وكما قال مسؤول بارز في جامعة فيتنامية، فإن «الجامعة ستكون بمثابة تقدم كبير للمجتمع المدني المنظم». روجر كوهين محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»