ما مدى عدم ملاءمة إدارة أوباما، بعد أن اتضح أنها كانت على علم بأن الروس وراء عمليات القرصنة التي استهدفت اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي ومحاولات استهداف نظيرتها الجمهورية؟ حسب قناة «إن بي سي» الإخبارية، فقد قررت الإدارة أن لا تتخذ أي إجراء حاسم لأنها كانت تفترض أن هيلاري كلينتون ستنتصر في الانتخابات، ومن ثم تصورت أن «الرئيسة هيلاري» يمكنها أن تتعامل مع الروس عندما تتولى السلطة. وفي المؤتمر الصحفي لنهاية العام الذي عُقد يوم الجمعة الماضي، أقرّ أوباما بضعفه عندما صرّح بأن رده على قرصنة حسابات البريد الإلكتروني للجنة المركزية للحزب الديمقراطي كان أنه أخبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن «يوقف ذلك»، عندما رآه في الصين في سبتمبر الماضي، أي بعد عام كامل على محاولة عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي إخبار اللجنة بمحاولات القرصنة. وأتمنى أن يكون أوباما قد أعرب لبوتين عن دهشته وأومأ إليه بحدة في تحذيره الإنساني! وأتساءل إذا كان بوتين قد ضحك في وجه أوباما، أم انتظر حتى يغادر الغرفة. وأتصور أن التاريخ سيظهر أن إهانة بوتين لأوباما بلغت ذروتها في تلك اللحظة. فكيف يُعقل أن تكون إدارة أوباما قد قررت أن التحذير الشفهي لبوتين سيكون ردّاً كافياً؟ ولعل السيناتور الجمهوري «ليندساي جراهام» أوجز عندما قال: «لن يكون هناك بوتين قوي من دون أوباما ضعيف». ويريد الديمقراطيون أن يلعبوا دور الضحية، وأن يوجهوا أصابع الاتهام صوب ترامب، وإعلان أنه المستفيد من التدخل الروسي في حملة الانتخابات الأميركية لعام 2016، لكن الحقيقة أنها كانت قيادتهم التي قدمت بضعفها الفرصة التي يحتاج إليها الروس. وبالطبع، كان صمت المدعي العام «لوريتا لينش» عن ذلك يصم الآذان! فأين كانت عندما حاول عملاؤها لفت انتباه اللجنة الوطنية في الحزب الديمقراطي؟ وعلى أي حال، لا تقتصر حكاية عدم الكفاءة على ذلك، فقد اتضح فيما بدا مسلسلاً بوليسياً يستحق النشر في «نيويورك تايمز»، أن «مكتب التحقيقات الفيدرالي» اتصل باللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي في بداية سبتمبر 2015 ليحذرهم من محاولات القرصنة، لكن المسؤول الحزبي الذي تواصل معه عميل مكتب التحقيقات الفيدرالي لم يرد على اتصالات العميل لأنه «لم يكن متأكداً من أن المتصل عميل حقيقي في مكتب التحقيقات، ولأن اللجنة لم يكن لديها شيء لتبلغ عنه». بل ارتكب موظف آخر في الحزب الديمقراطي أكبر «خطأ مطبعي» لا يمكن تبريره في العالم، ووصف رسالة بريد إلكترونية «انتحالية» بأنها «رسالة شرعية»، بدلاً من أن يصنفها «غير شرعية»، ومن ثم فتح الطريق أمام قرصان إلكتروني ليدخل إلى كل رسائل البريد الإلكترونية لرئيس حملة هيلاري الانتخابية، جون بوديستا. وبالطبع هذا أمر غير قابل للتصديق، وبقدر القلق والمشكلات الناجمة عن سماح إدارة أوباما والديمقراطيين للروس بالتدخل في الانتخابات، وخوض حرب إلكترونية من دون أي نتائج، ينبغي أن لا نندهش، فعلى أي حال، كانت إدارة أوباما هي من أذعنت لإيران في كل منعطف، ووقفت إلى جانب القوات السورية، وسهَّلت للروس ذبح مئات الآلاف في سوريا. ويبدو من الواضح الآن أكثر من أي وقت مضى، أنه آن أوان إحداث تغيير عاجل في السياسة الخارجية الأميركية. ويا ليت أوباما وفريقه يغادرون البيت الأبيض بأسرع ما يمكن! يُنشر بترتيب خاص مع «خدمة واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»