في أعقاب الاستفزاز الأخير لكوريا الشمالية – حيث أطلقت صاروخاً باليستياً حلق فوق الأراضي اليابانية قبل أن يسقط على بعد 700 ميل شرق اليابان - أعلن ترامب أن «جميع الخيارات مطروحة على الطاولة»، ولكن ما هي الخيارات التي لدى ترامب حقاً؟ كما ذكرنا من قبل، فإن نطاق العمل الصارم الأحادي الجانب ضد بيونج يانج غير موجود تقريباً. ورقعة الشطرنج الدبلوماسية معقدة، وبها العديد من اللاعبين، ومن شأن التهديد بالتصعيد العسكري أو الضربات العقابية أن يُعرّض ملايين الأرواح للخطر. وقال «ستيفين هاجارد»، الخبير في الشؤون الكورية، إن هذه المعضلة توضح كيف أن آخر اختبار أجراه الكوريون الشماليون كان «يهدف تماما إلى خلق ضرر سياسي». فقد أثار ذعر اليابانيين، وربما يكون رئيس وزرائهم اليميني «شينزو آبي» لديه سبب إضافي الآن لتعزيز قدرات بلاده العسكرية. كما يضيف إلى الصداع الذي يواجهه رئيس كوريا الجنوبية الليبرالي «مون جاي – ان»، والذي يأمل في مشاركة مثمرة بشكل أكبر مع بيونج يانج. وهو أيضاً يعمق دور الصين المحرج في الأزمة، حيث إنها عالقة بين وضعها كدولة تتمتع بأكبر قدر من النفوذ على كوريا الشمالية ومنافساتها الإقليمية مع اليابان وكوريا الجنوبية، ولكن على الرغم من أن كوريا الشمالية تهدف بالتأكيد إلى الاستفزاز، يبدو أيضاً أنها تتعمد تجنب رد فعل شامل. فهي على سبيل المثال، لم تطلق الصاروخ في اتجاه إقليم «جوام» الأميركي في المحيط الهادئ (على الرغم من أنها وصفت الاختبار فيما بعد بأنه «مقدمة» للقيام ببعض الإجراءات ضد جوام). يقول «هاجارد»، إن «هذا الإطلاق يظهر أن«كيم جونج أون» متحفظاً بشكل غريب، ويقوم بمعايرة الاختبارات، بحيث يكون من الصعب التصدي لها، ويجعلها تحلق تحت رادار استجابة حركية مطلوبة»، بيد أن هذا لا يعني أن كوريا الشمالية تظهر أي اهتمام بالتصالح مع جيرانها أو مع واشنطن. وفي هذا الصدد، يقول «جيمس شوف»، خبير في شؤون شرق آسيا في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي «هذه ليست أفعال دولة مهتمة بإظهار ضبط النفس أو خلق مسار للحوار». إن التعقيد الاستراتيجي للتعامل مع النظام المسلح نووياً في بيونج يانج يجب أن يحذر ترامب من التورط دون أن يشعر أنه في مواجهة جيوسياسية أخرى محتملة. وبالفعل، فإن بعض «الصقور» في واشنطن يجددون الدعوات لترامب لإعلان أن إيران لا تمتثل للاتفاق النووي الذي وقعته عام 2015 مع القوى العالمية. وبغض النظر عن اعتراضات بعض كبار مستشاريه، فإن ترامب نفسه يتوق إلى إلغاء الاتفاق، الذي يعد محور إرث السياسة الخارجية للرئيس أوباما. وذكرت صحيفة «الجارديان» أن البيت الأبيض يضغط على مسؤولي الاستخبارات لإيجاد دليل على انتهاك إيران لالتزاماتها. كما حثت «نيكي هايلي»، سفيرة واشنطن لدى الأمم المتحدة، الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهي الهيئة التابعة للأمم المتحدة، والتي تراقب المواقع النووية في إيران، لتفتيش المنشآت العسكرية الحساسة في البلاد. وربما يرفض الإيرانيون هذه المطالب، وقد يستفز هذا التحرك النظام للانسحاب من الاتفاق نفسه. ولكن الأكثر ترجيحاً هو أن تجد الولايات المتحدة نفسها معزولة في حالة انهيار الاتفاق. أما المسؤولون الأوروبيون، فهم يتمسكون بالاتفاق وتعهدوا بمواصلة تنفيذه حتى لو انسحبت الولايات المتحدة. وإذا انسحب ترامب من الاتفاق وأعاد فرض العقوبات القديمة، ستكون هناك فرصة بأن يستمر الإيرانيون والأوروبيون، ولكن الأكثر ترجيحاً أن تؤدي الضغوط داخل إيران إلى قيام النظام بطرد المفتشين، وربما إعادة العمل في تخصيب اليورانيوم. ايشان ثارور* *كاتب أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»