ذات يوم كانت لدينا قصة وطنية موحدة، نحتفل بها في عيد الشكر. كانت هذه هي قصة «سفر الخروج». إن الأميركيين قوم هربوا من القمع، وعبروا البرية وبنوا الأرض الموعودة. وقد جلب البيرويتانيون (البيورتانية هي الحركة التطهيرية، مذهب مسيحي بروتستانتي) هذه القصة معهم. وكان أفراد كل دفق جديد من المهاجرين يرون أنفسهم في هذه القصة. كما تبنتها حركة الحقوق المدنية أيضاً، بعد ذلك. ولكن علينا أن نعترف أيضاً بأن كثيرين اليوم لا تروق لهم الآن هذه القصة. لقد استندت القصة على وحدة الشعب الأميركي. ولكن إذا كنت دون الـ45 فربما تكون قد درست تاريخاً أميركياً يؤكد، بشكل واقعي، على الانقسام -بين المستوطنين والسكان الأصليين، وبين المؤسسين وعبيدهم، والزعماء والعمال، والبيض والملونين. ومن الصعب بالنسبة لكثيرين اليوم أن يصدقوا أن هذه هي الأرض الموعودة. فهي تبدو موعودة للقلة المتميزة، ولكنها أدت أيضاً إلى تهميش كثيرين آخرين. والروايات التي تجذب اليوم هي تلك التي تستند إلى الانقسام وخيبة الأمل. أما السرد متعدد الثقافات، والمهيمن في كل مدرسة، فيقول إن أميركا مقسمة إلى مجموعات إثنية مختلفة، ووضع كل مجموعة معروف بمدى الاضطهاد الذي عانته. وأما للسرد الشعبوي، المهيمن بين الناخبين، فيقول إن أميركا مقسمة بين الناس العاديين المستقيمين أخلاقياً والنخب الفاسدة الغبية. واليوم، ليس لدينا سرد وطني مشترك، ولا طريقة موحدة لتفسير تدفق الأحداث. ومن دون قصة مشتركة، لا نعرف ما هو هدفنا الوطني. فليس لدينا مجموعة جامعة من الأهداف أو المثل. إننا بحاجة إلى سرد وطني جديد. وهناك طريقة واحدة لتحديد هذا السرد هي العودة إلى سرد السمات الغريبة لتاريخنا. فنحن طيبون مع أعدائنا بعد الحرب. فبعد الثورة، سرعان ما أصبحنا حلفاء مع بريطانيا. وبعد الحرب العالمية الأولى، كان «وودرو ويلسون» إنسانياً مع أعدائنا الأوروبيين. وبعد الحرب العالمية الثانية، أعادت أميركا بسخاء بناء ألمانيا واليابان. وفي أماكن أخرى، تستمر العداوات لقرون. ولكن هذا لا يحدث هنا في أميركا. لماذا؟ لأن لدينا ميلاً وطنياً للبدء من جديد. والقدوم إلى هذا البلد بالنسبة لكثير من الناس يعني بداية جديدة. فنحن نحول كل إدارة رئاسية جديدة، وكل موسم رياضي جديد، وكل حفل تخرج إلى بداية جديدة. ويقال إن الأميركيين لا يسوون خلافاتهم، بل يتركونها وراءهم. إن ويلات الحرب هي التي تطهر هذه الخطيئة، وتقع على كلا الجانبين. لقد حارب لينكولن أي شعور بالتظاهر بالورع الذي ربما كان يحمله الشماليون. إن مثل هذا الخطاب هو خطاب تصالحي عظيم. إن لينكولن يحدد المسار للتسامح المتبادل، ويرسم الطريق للمرونة السياسية والبراجماتية. ولذلك، لا يمكننا أن نكون واثقين من مفهومنا عما هو صواب أو نكون صارمين في التشبث بمبدأ مجرد أو أيديولوجية جازمة. فكل شيء يجب أن يكون مفتوحاً للتجربة، والمرونة والمناورة. ويعترف لينكولن في خطاب شهير، في هذا المقام، بوجود انقسامات وخيبات أمل تصيب الأمة. ولكنه لا يقبل حتمية وجود بيت داخلي منقسم على نفسه. إنه يجمع بين الخلاص المسيحي مع حب الثقافات المتعددة للتنوع. وبضربة واحدة رائعة، يحرم لينكولن السياسة المسيحية من الشوفينية والهوية البيضاء التي نراها الآن على اليمين الإنجيلي. وهو يملأ فراغ الرؤية الأخلاقية التي نراها الآن أيضاً على اليسار النسبي. إنه يوضح كيف أن الخصوصية الأميركية دائماً تشير إلى العالمية، بحيث تشير السمات المحددة لتاريخ وثقافة المستوطنين لدينا إلى رؤية المشاركة للبشرية جمعاء. وهذه هي القصة التي يمكننا الانضمام إليها والعيش في كنفها معاً. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»