أمضى الرئيس دونالد ترامب أسبوعين مرهقين. وبدون استعراض كل الأوقات الصعبة، دعونا فقط نقول إنه لم يبدأ العام بأجواء ملهمة. فقد طغت الأخطاء العفوية الغريبة على ثقة المستثمرين الآخذة في الارتفاع، والفوائد المحتملة للتخفيضات الضريبية وتفكيك القوانين التنظيمية التي تم اتخاذها في عهد أوباما. لكن هل من الممكن أن يتغير شيء قريباً؟ وهل ترامب على وشك أخذ استراحة من حضوره العام اللاذع؟ لقد شجعني أن أسمع أن الرئيس سيحضر المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس في وقت لاحق من هذا الشهر. ويعد اجتماع دافوس حدثاً فريداً من نوعه على الساحة العالمية. فهو يستقطب حشداً لا مثيل له من الزعماء السياسيين من جميع أنحاء العالم. لكن مع ازدياد حجم المنتدى، أصبح من الممكن التنبؤ به سياسياً. وإلى ذلك، غالباً ما يلقي كبار المديرين التنفيذيين والمشاركين كلمات رتيبة لإحداث انسجام بين أعمالهم التجارية والموضوعات العصرية، مثل حقوق العمال وعدم المساواة، وبالطبع التغير المناخي. ومن المتوقع أن تكون هناك درجة معينة من النفاق وترحيباً حاراً في استقبال النخبة المالية ووسائل الإعلام الرئيسية. حسناً، لن يلتزم ترامب بهذا السيناريو. والسؤال هو: هل سيكون لديه أي سيناريو لا يتضمن إهانات وملاحظات جارحة وتعبيرات لاذعة وغير مبررة من شأنها أن تضيف إلى خيبة الأمل المتزايدة إزاء أميركا الحالية في جميع أنحاء العالم؟ إنني في منتصف رحلة إلى آسيا والشرق الأوسط وأوروبا. وكلما طرحت سؤالاً حول أداء الرئيس، تكفهر وجوه القادة السياسيين ورجال الأعمال بصورة واضحة. وكلهم يعلقون على الأقوال التي يصعب تفسيرها في تغريدات الرئيس. وهم يأسفون لأن الولايات المتحدة تنسحب من العالم. كما يتحدثون عن القوى غير المرغوبة التي يرونها تملأ الفراغ الناجم عن انسحاب أميركا. وبعبارة أخرى، فإنهم يعتقدون بأن ترامب يحاول فعل الشيء الصحيح بالنسبة للاقتصاد الأميركي، لكنهم أيضاً يلاحظون أن انسحاب الولايات المتحدة بدأ في عهد الرئيس باراك أوباما. وكثيرون يقولون إن ترامب صاحب الفضل، لأنه أحدث زخماً اقتصادياً آخذاً في النمو. ولا أحد يشعر بالحنين للعودة إلى أيام أوباما. لذا، ربما يستخدم ترامب حضوره في منتدى دافوس لإثارة إعجاب هذا الجمهور المهم وإثبات أنه ليس فقط لديه خطة، بل أيضاً يعرف ما يفعله. لقد كانت علاقة ترامب مع النخبة من رجال الأعمال دائماً متفاوتة؛ فهو ثري ومشهور لكنه إلى حد ما بعيد عن التيار الرئيسي، مقارنةً بالأثرياء والمشاهير الذين يجتمعون في دافوس. ولم تكن البنوك التقليدية وقادة الصناعة يحبون القيام بأعمال تجارية مع ترامب. والجميع يعلم أنه كسب أموالاً، لكن لا أحد يعلم حجم الأموال التي جمعها من أعمال البناء مقابل مجرد الاستفادة من علامته التجارية. ولست متأكداً مما إذا كان ترامب يرى الحضور في المنتدى الاقتصادي العالمي كجلسة مع مجموعة من الرفاق الودودين أم أنه يستاء منهم بسبب الإهانات الماضية. وأياً يكن فإن الرحلة تعد فرصة عظيمة بالنسبة لترامب. فالتحدث بجدية عن النمو الاقتصادي العالمي، وطمأنة العالم إلى أن الولايات المتحدة ستكون المحرك العالمي للنمو.. سيجلب خيراً كثيراً للرئيس وللحزب الجمهوري. وربما يحول ترامب تركيزه بعيداً عن كل الأخطاء والتحدث بدلاً من ذلك عن شيء يناسب المنصب الذي يشغله. والخروج من دافوس ببعض المدافعين الجدد سيخدم ترامب وسيساعد على بناء الثقة في الاقتصاد العالمي. ويعلم البيت الأبيض ما يحتاج إلى قوله: إن التغييرات التنظيمية التي أرساها الإصلاح الضريبي الناجح للرئيس تزيد من كفاءة الاقتصاد الأميركي. ويحتاج ترامب إلى التأكيد على أن اللوائح الخانقة - بدءاً من قواعد العمل المرهقة إلى قمع تنمية الطاقة - لم يتم التراجع عنها فحسب، بل أيضاً استبدالها بمبادرات صديقة للأعمال ومؤيدة للنمو. وسيكون هذا الحدث اختباراً لما إذا كان ترامب يستطيع توصيل رسالة ترحيب ودية للحشد الدولي وعدم استغلاله لتصفية حسابات أو للتحدث بعنف. إن آفاق النجاح في المنتدى الاقتصادي العالمي منخفضة جداً، والأمر يتوقف على ما إذا كانت كلمات الرئيس وإيماءاته وموقفه العام سيقنع الحضور بقدرته على التصرف كزعيم يستحق الاحترام ويقود نحو المستقبل. والفشل في دافوس سيكون له تداعيات كبيرة. فنسبة كبيرة من قادة العالم ستفقد الثقة في رئاسة ترامب. ربما كانوا يأملون في الأفضل، لكنهم لن يتوقعوا بعد الآن أموراً كبيرة ممكنة بالنسبة للولايات المتحدة. وسيعتقدون أن ترامب غير قادر على إعادة «عظمة أميركا». مستشار سياسي للبيت الأبيض في عهدي ريجان وبوش الأب ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»