برز المحور الإماراتي السعودي على الساحة الخليجية والعربية عبر السنوات الماضية لمواجهة التحديات الإقليمية، ولبلورة رؤية استراتيجية موحدة للقيادة الإماراتية السعودية للمحور في التصدي للأزمات ضمانة للأمن الخليجي وحماية لاستقرار شعوب المنطقة. وقد راهن الكثيرون على صموده واستمراريته في معالجة الملفات والقضايا المشتركة، وأثبتت السنوات جدية وحزم هذا المحور السياسي، فكان الرهان عليه للمضي بالسياسة العربية نحو بر الأمان والاستقرار. لقد أدت التحديات التي واجهت النظام الإقليمي العربي منذ ما سمي بـ «الربيع العربي» عام 2011 إلى تغييرات بنيوية وهيكلية في موازين القوي الفاعلة داخل ساحته، وأبرزت وجود معادلات أمنية جديدة، أثرت وتؤثر في النظام الإقليمي الخليجي كنظام فرعي، والنظام الإقليمي العربي بشكل عام، فتغيرت أنماط التحالفات والاستقطابات مع تزايد تأثير العوامل الخارجية على الساحة العربية، في مقابل تصعيد الملفات الإقليمية، وتصاعد حدة الصراعات، ما راكم الملفات الساخنة التي تستدعي التدخل المباشر والقوي، وهو ما استدعى إيجاد وتعزيز معادلة أمنية جديدة لمواجهة الملفات الأمنية المشتركة، إذ تراجعت قوى إقليمية عربية عن لعب دور محوري في السياسة العربية، وتصدر المشهد العربي، وحاولت دول أخرى لعب أدوار رئيسة على الساحة العربية تتعدى حجمها «الصغير» كدولة هامشية في النظام الإقليمي العربي والنظام الإقليمي الخليجي كقطر، فيما استمرت دول أخرى في ممارسة دور الحياد لأسباب مختلفة ومتفاوتة، بيد أن المتغيرات التي أصابت بنية المنطقة، أدت في محصلتها إلى تعزيز التقارب بين الإمارات والسعودية، وصعود المحور السعودي الإماراتي بداية لصد مخاطر أزمات «الربيع العربي» عن المنطقة أولاً، ومن ثم التنسيق المشترك لملء الفراغ الناتج عن خروج قوى عربية تقليدية من معادلة القوة الإقليمية، والإمساك بزمام المبادرة دون توانٍ لإعادة تشكيل المنطقة وفقاً للمصالح المشتركة، سواء بالتدخل في الملفات الساخنة في سوريا أو ليبيا أو اليمن، ما أحدث تحولات في التحالفات الإقليمية والدولية، وتوتراً في العلاقة البينية مع قطر بخصوص تلك الملفات وغيرها، وصولاً للأزمة الخليجية الراهنة مع قطر. لقد أدى اتساع نطاق الصراعات وتنامي ظاهرة الإرهاب إلى إيجاد دواعٍ أمنية تستدعي بناء معادلة أمنية جامعة لدول الخليج، تجد محفزاتها الجادة إزاء شائكية الملفات القائمة، وفي الوقت ذاته أدى أيضاً تفاقم أدوار تدخل الفاعلين الإقليميين (إيران- تركيا) ذوي المصالح المشتركة والمتضاربة أحياناً في القضايا الخليجية والعربية، إلى بروز المحور السعودي الإماراتي كإطار سياسي أمني جامع للتعاون بشكل أساسي، ولحل الخلافات وضبط التوترات الإقليمية، لتلعب الدولتان دور «القوة المركزية» في النظام الإقليمي التقليدي، وبالضرورة أدت تلك التطورات إلى تميز المحور الإماراتي السعودي خليجياً وعربياً ودولياً، وبرز محور الرياض- أبوظبي كقوة سياسية محركة للسياسات الخارجية المشتركة وللتحالف الأمني والعسكري، وصولاً إلى تطابق المواقف السياسية إلى مستوى متقدم، حتى أصبح الحديث عن السياسة الخارجية السعودية ومواقفها الدولية مطابقاً للحديث عن السياسة الخارجية الإماراتية، إذ تمكن هذا المحور ونجح في دعم الاستقرار على الساحة المصرية، كما أثر في تونس وليبيا واليمن وسوريا. وحافظ هذا المحور أيضاً على سياساته المتصدية لإيران وأذنابها في المنطقة. إن السعودية والإمارات هما صمام الأمان للأمن القومي العربي، ونجاحات المحور الإماراتي السعودي وسط المشهد المضطرب على الساحة العربية والدولية، تستدعي بالضرورة تعزيزه بانضمام الأطراف الخليجية الأخرى، إضافة إلى مملكة البحرين التي انضمت وتتبنى على الدوام ذات الرؤى الاستراتيجية مع المحور الإماراتي السعودي. واليوم يلعب المحور الإماراتي السعودي دور المحفز الأساسي للمسارات التفاعلية والتعاونية الممكنة بين أبوظبي والرياض، ما يعني على المدى الطويل السير بالمنطقة نحو المزيد من الاستقرار والتكامل. ---------------- * كاتبة إماراتية