الحزب الجمهوري هو حزب القانون والنظام. وهذا ليس جديداً، ولكن منافذ إعلامية أميركية ليبرالية تروج أن «الجمهوريين» يشنون حرباً على رجال مكتب التحقيقات الفيدرالي «إف بي أي». وفكرة أن «الجمهوريين» يستهدفون فجأة رجال «إف. بي. أي» هي وهم صنعه «الديمقراطيون» ليهاجموا «الجمهوريين»، وكي يشتتوا الانتباه عن الكشف المتزايد عن مناورات مناهضة لترامب نفذها عدد قليل من المسؤولين في المكتب، وقد لمس فضح «الجمهوريين» لمخالفات أنصار هيلاري كلينتون في قمة صفوف «إف. بي. أي» وتراً حساساً لدى هؤلاء. ويخشى «الديمقراطيون» من احتمال أن يقلص هذا الكشف آمالهم في أن يؤدي التحقيق بشأن تدخل روسيا المزعوم في الانتخابات الأميركية إلى النيل من الرئيس دونالد ترامب، بل ربما يتحول التحقيق إلى أسئلة بشأن استغلال قيادات كبيرة في «إف. بي. أي» العملية القانونية لاستهداف ترامب ومساعدة كلينتون. وقد أشار المؤرخ فيكتور ديفيس هانسن إلى هذا في الآونة الأخيرة حين كتب في صحيفة «ناشيونال ريفيو» يقول إن أكبر مفارقة تتمثل في أن «محققاً خاصاً يحقق فيما لم يحدث على الأرجح، بينما يتجاهل ما حدث. وربما تكون هذه هي أكبر فضيحة سياسية في العصر الحديث». ويبدو لي أن أندرو مكابي نائب مدير «إف. بي. أي» السابق، وبيتر سترزوك الرئيس السابق لقسم مكافحة التجسس في المكتب نفسه، وبروس أوهر مساعد نائب وزير العدل السابق، وربما آخرون، كانوا يتوقعون على الأرجح تولي كلينتون الرئاسة، ولكن خابت توقعاتهم. إنني أعايش مجريات السياسة منذ أكثر من 30 عاماً وأميز المناورات الأنانية حين أراها. ولكن مسعى المحقق الخاص روبرت مولر، والاستجوابات المتعلقة به في الكونجرس، تكشف عن التواطؤ المحتمل بين حملة كلينتون و«إف. بي. أي»، مع دفع حملة كلينتون واللجنة القومية للحزب «الديمقراطي» الأموال لباحث من المعارضة جمع معلومات عن ترامب من الروس، ولأن «الديمقراطيين» ليس لديهم ما يقولونه فقد جاء ردهم في صورة دعاوى فجة بأن الجمهوريين يهاجمون «إف. بي. أي». ويعلم «الديمقراطيون» أن وضعهم هش، وهم عصبيون بشأن ما قد يظهر قريباً في تقرير المفتش العام لـ«إف. بي. أي». ولن يقر «الديمقراطيون» بفداحة ما قد يظهره التقرير، ولذا يشتتون الآن الانتباه. وجهود الزعماء «الجمهوريين» في الكونجرس لكشف الحقيقة بشأن ما جرى وسط عدد صغير من كبار موظفي «إف. بي. أي» أثناء الحملة الرئاسية ليست تحدياً لتنفيذ القانون الأميركي. ومن حيث التصور، فإن أقل ما يقال هو أن ائتلاف «الديمقراطيين» لا يتضمن قاعدة شعبية لتنفيذ القانون. والحزب «الديمقراطي» واقع تحت سيطرة جماعات مصالح منها نقابات القطاع العام والمحامون وصفوة صناعة الترفيه ومليارديرات صناديق التحوط وجماعات اليسار الغاضبة. وفي المقابل فإن «الجمهوريين» من خلال ترامب، ووزير العدل جيف سيشنز، عززوا سلطة «إف. بي. أي»، ووزارة العدل كي يتجاوزا أولويات عهد أوباما. فقد أوضح رون هوسكو مساعد مدير «إف. بي. أي» السابق في مقال رأي نُشر في وقت متأخر من العام الماضي أن «سياسات إنفاذ القانون لدى ترامب تمثل تحسناً مرحباً به أكثر مما كان عليه الحال في عهد أوباما». وقد ينتقد الليبراليون سيشنز لنهجه الصارم في التعامل مع الجريمة، ولكن الأرقام تتحدث عن نفسها. وسيشنز نفسه قدم معلومات مفصلة في مقال رأي نُشر في مجلة «يو. إس. إيه. توداي» الشهر الماضي قائلاً: «في عام 2017، تناولت وزارة العدل قضايا ضد عدد من مقترفي العنف أكبر من أي عام آخر في العقود القليلة الماضية. ووجهنا اتهامات في أكبر عدد من المحاكمات الاتحادية عن الأسلحة النارية أكثر مما جرى في العقود القليلة الماضية. وقمنا بإدانة ما يقرب من 500 من مهربي البشر و1200 من أعضاء العصابات، وساعدنا حلفاءنا الدوليين في اعتقال نحو أربعة آلاف من أعضاء عصابة إم. إس.- 13. واعتقلنا أيضاً ووجهنا الاتهامات لأشخاص يشتبه في أنهم ساهموا في أزمة انتشار المخدرات الحالية». وإذا أراد «الديمقراطيون» وحلفاؤهم في وسائل الإعلام أن يطلقوا حملة عن دعمهم لتنفيذ القانون في مقابل جهود الحزب «الجمهوري» في هذا المضمار، فإنه يروقني أن أرى ذلك، ففي نهاية المطاف، سيظل عالقاً في الأذهان أن «الديمقراطيين» حين علت أصواتهم بشأن الانقسام بين الحزب «الجمهوري» و«إف. بي. أي» لم يحملهم أحد على محمل الجد باعتبار أن دافعهم الرغبة في تنفيذ القانون. وإدارة ترامب تتعقب المجرمين بطريقة فعالة لم تتبعها إدارة أوباما. و«الجمهوريون» الآن أيضاً أشد حزماً تجاه الجريمة وأكثر اتساقاً مع أولويات تنفيذ القانون، أكثر مما كانوا عليه في أي فترة سابقة من التاريخ الحديث. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»