يعتقد البعض أن رحيل وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، الذي أقاله الرئيس دونالد ترامب عبر تغريدة على تويتر يوم الثلاثاء الماضي، كان منتظَراً منذ فترة طويلة. وكتب ترامب في تغريدته على تويتر يقول: «مايك بومبيو مدير (سي. أي. أيه) سيصبح وزير الخارجية الجديد. وسيقوم بعمل رائع! شكراً ريكس تيلرسون على خدماتك! جينا هاسبل ستصبح المدير الجديد لـ(سي. أي. أيه) وأول امرأة تضطلع بهذا المنصب. تهانئي لكم جميعاً». فقد انتشرت شائعات منذ الصيف الماضي بأن الرئيس التنفيذي لشركة «إكسون موبيل» في طريقة لترك المنصب. وكان تيلرسون قد اصطدم مع ترامب في عدة مواقف سياسية. وتحدثت تقارير عن تصريحه لزملاء عن عدم رضاه عن أداء الرئيس. أما الآن، فقد أصبح تيلرسون أول وزير خارجية تجري إقالته في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية. وبعد الإقالة، صرح ستيف جولدستاين، وهو مسؤول بارز في الخارجية، بأن تيلرسون علم بإقالته من خلال وسائل التواصل الاجتماعي و«لا يعلم السبب». ثم أقال البيت الأبيض جولدستاين بعد تصريحه هذا بساعات. وفي وقت لاحق من يوم الثلاثاء، ألقى تيلرسون الذي بدا عليه الإرهاق، بتصريحات في مقر الخارجية شاكراً الدبلوماسيين المخضرمين على «أمانتهم ونزاهتهم» ممتدحاً «دماثة» الشعب الأميركي. وأعلن أنه سيغادر رسمياً المنصب نهاية الشهر الجاري. ولم يذكر ولو لمرة واحدة اسم ترامب. ولا عجب في هذا، فقد دأب ترامب على تقويض مصداقية تيلرسون بمعارضته علناً بشأن النهج الواجب اتباعه تجاه كوريا الشمالية، وبسبب المأزق الدبلوماسي المحتدم مع إيران. وأوضحت تقارير صحفية أن ترامب مستاء من تأييد تيلرسون لاتفاقات دولية مثل الاتفاق النووي الإيراني واتفاق باريس للمناخ. وعارض وزير الخارجية رغبة ترامب في الانسحاب من أفغانستان وفي نقل السفارة الأميركية في إسرائيل إلى القدس. وكما قال ترامب، الثلاثاء الماضي، «لم نكن نفكر بالطريقة نفسها في الواقع». والقادحون في تيلرسون يعتقدون أنه سيصبح واحداً من أقل وزراء الخارجية نفوذاً في تاريخ الدبلوماسية الأميركية. ويعتبرونه رجل أعمال متحفظاً لم يثر الحماس لدى قطاع كبير من أعضاء السلك الدبلوماسي ووافق على عمليات تقليص كبيرة وضارة في ميزانية الوزارة وعطل عملية تعيين أشخاص جدد. وأشارت التقارير نفسها إلى أنه لم يكن كفؤاً في عمله ببساطة. وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن «أكثر ما يحير في فترة ولاية تيلرسون ربما يكون ضعف إشرافه على وزارة الخارجية، بينما كان يُعتقد أن مهاراته الإدارية ستكون نقطة قوته الأساسية». لكن إقالة تيلرسون تثير قلق بعض حلفاء الولايات المتحدة، وكثيرون منهم يشاركون السيناتور الجمهوري بوب كوركر الرأي الذي أعلنه في أكتوبر الماضي والذي قال فيه إن تيلرسون أحد المسؤولين القليلين الذين «ساعدوا في إبعاد بلادنا عن الفوضى». وجاءت إقالة تيلرسون فيما يتطلع المسؤولون البريطانيون إلى دعم متين من الولايات المتحدة في خضم الأزمة مع روسيا. وعلى خلاف ترامب، كان تيلرسون يجاهر بانتقاداته لموسكو وأكثر اتساقاً في تصريحاته بشأن تعهدات الولايات المتحدة تجاه حلفائها التقليديين. وعلى النقيض من هذا، فعلاقة بومبيو بترامب وثيقة جداً. وتحدث ترامب بعد أن عرض الاختلافات في الرأي مع تيلرسون عن بومبيو قائلا: «بيننا كمياء جيدة للغاية منذ البداية». وتعتقد مصادر مطلعة من واشنطن أن صفاء العلاقة سيجعل بومبيو أكثر فعالية في المنصب، لكن هناك آخرين يشعرون بالقلق. فقد يعني صعود بومبيو احتمال نشوب أزمة مع إيران. ويرى إدوارد لوس من صحيفة «فاينانشيال تايمز» أن «سياسة ترامب الخارجية التي تدور حول (أميركا أولاً) توشك أن تصبح واقعاً»، بعد استقالة جاري كوهن المستشار الاقتصادي لترامب والإشاعات عن إحلال جون بولتون المتطرف في تشدده محل مستشار الأمن القومي الحالي أتش. آر. مكماستر والآن رحيل تيلرسون. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»