يوم الأحد الماضي شهدت جامعة عين شمس تجديداً للالتزام المصري الراسخ بالقضية الفلسطينية عندما احتشد مئات من الخبراء السياسيين والمتخصصين في شؤون الصراع والسلام العربي الإسرائيلي بدار الضيافة بالجامعة في مؤتمر تحت عنوان «الحوار القومى.. الطريق إلى الدولة الفلسطينية». قلت للمجتمعين بصفتي المقرر العلمي للمؤتمر، إن أشقاءنا في فلسطين يحتاجون منا في الظرف العصيب الراهن أن نعبئ قوانا الناعمة من فكر وابتكار لنصرة قضيتهم بعد أن كنا نعبئ في مرحلة سابقة بدأت في عام 1948 قوانا الصلبة من جيوش وسلاح وعتاد. وقلت: في عام 2002 انعقدت إرادة أمتنا في قمة بيروت على تبني خيار السلام الاستراتيجي، وإطلاق مبادرة السلام العربية، وبالتالي فإننا مطالبون اليوم أن نقدح زناد عقولنا لننتج أفكاراً مبتكرة واقتراحات جديدة تعين الفلسطينيين على اتخاذ المسارات التي توصل سفينتهم إلى بر أمان، وهو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو بعاصمة هي القدس الشرقية. إن ما يشكو منه الفلسطينيون اليوم أمران: الأول هو سيطرة حكومة يمينية في إسرائيل تؤمن بأرض إسرائيل الكبرى وترفض إعطاء الفلسطينيين حقهم في تقرير المصير وإقامة دولتهم، وتجاهر بأن أكثر ما سيحصل عليه الفلسطينيون هو حكم ذاتي إداري على جزء من الضفة في إطار دولة إسرائيل الكبرى، دون أن يكون لهم أي حق من حقوق المواطنة في هذه الدولة. أما الأمر الثاني الذي يشكو منه الفلسطينيون، فهو أن الوسيط الوحيد في عملية السلام، قد تبنى الموقف الإسرائيلي عندما اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل. كان السفير الفلسطيني بالقاهرة دياب اللوح حاضراً، فطلب طلباً شديد التحديد، وهو أن تعيد قمة الرياض المقبلة تبني مبادرة السلام العربية كما هي، حيث نصت على إقامة دولة فلسطينية في حدود الرابع من يونيو، والانسحاب من الجولان، وحل مشكلة اللاجئين مقابل العلاقات الطبيعية بين إسرائيل والعالم العربي. إنني أعتقد أن هذا المطلب كفيل بتوليد قوة ضغط على المجتمع الدولي، يدفع في اتجاه تبني مسار منطقي لعملية السلام، يعتمد على معادلة أرض مقابل السلام. لقد أدى الحماس العارم لدى الخبراء وطلاب العلم المصريين في مناقشات المؤتمر لنصرة القضية الفلسطينية إلى حالة وجدانية رائعة، استدعت رائعة الشاعر علي محمود طه، وهي قصيدة فلسطين التي نظمها عام 1948 بعنوان فلسطين، والتي شدا بها محمد عبد الوهاب. لقد لاحظت أن مشاعر الالتزام المصري والعربي التي عبرت عنها القصيدة منذ سبعين عاماً ما زالت قائمة إلى اليوم، مع تبلور واضح للإرادة الجماعية العربية بانتهاج سبل المقاومة السلمية، والسعي على جبهات العمل الدولي كافة، لرفع الظلم عن الشعب الفلسطيني وتمكينه من إقامة دولته المستقلة. لقد أكد مؤتمر جامعة عين شمس أن عيون الخبراء والسياسيين وطلاب العلم معلقة بقمة الرياض المقبلة، وأن الجميع يعلق الآمال على القادة العرب لتصحيح مسار عملية السلام، بما يكفل للشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة من ناحية، ويضمن أمن واستقرار شعوب المنطقة من ناحية ثانية.