حين بدأت الكتابات عن النظام الإيراني وثورته المزعومة، كانت المنطقة العربية تموج آنذاك بالأحداث السياسية المتلاحقة، وكان البعض في دول المنطقة قد وجهوا بوصلتهم نحو شعارات ملالي إيران، وكان الناس يقرؤون هذه الشعارات في العديد من الصحف والمجلات العربية، وبعد سنوات من التضليل المبرمج اكتشف الجميع أن إيران استخدمتهم كوسيلة لتحقيق طموحاتها الفارسية القومية، كما اكتشفوا سياستها التوسعية وتوجهاتها المذهبية، واتضح لهم أن الرخاء والفردوس الأرضي اللذين وعدت بهما أتباعها كانا مجرد حيلة للابتزاز المادي ولجلب الفقر والدمار والخراب والظلم والبؤس وعدم الاستقرار في المنطقة عبر الزج بأتباعها في حروب إقليمية وأهلية كئيبة. واحتاج الأمر من البعض إلى أن يقرؤوا ويدرسوا المزيد حول نظام الخميني، فاكتشفوا أن المشكلة لا تكمن في الشعب الإيراني، بل في الأيديولوجيا التي تفتري على الإسلام الصحيح وعلى الإمام علي رضي الله عنه، كما تكمن في العقلية التي تحمل في داخلها كماً هائلاً من الحقد التاريخي على العرب والإسلام السني، فهي عقلية تسمح ببناء معابد لجميع الديانات والمذاهب في طهران ولا تسمح ببناء مسجد واحد للسنة. والمظاهرات التي خرجت في إقليم الأهواز منذ أيام احتجاجاً على عنصرية إيران المعادية للعرب وللسنة، تؤكد ذلك، حيث بثت قناة إيرانية برنامجاً خاصاً للأطفال تحت عنوان «كلاه قرمزي» بمناسبة عيد النوروز، تجاهلَ الوجود العربي في إيران عموماً وفي هذا الإقليم خصوصاً، وعرض دمية ترتدي زياً يتبع القومية اللورية المهاجرة إلى هذا الإقليم ليقول إن هذا الإقليم ليس عربياً! وهذه الممارسات تشبه تماماً ما تفعله الصهيونية في فلسطين. وهجوم إيران على الدولة العبرية نابع من مصالح سياسية وتجارية تجمعهما في السر. ومبدأ إيران في هذا الخصوص يقول: «هاجم إسرائيل تزداد شعبيتك بين أتباعك ويكثر مؤيدوك في العالم الإسلامي». وبالفعل فهي تهاجم إسرائيل كثيراً وإسرائيل تتقبل هذا الدور تماماً ولا ترد، لأن الأهم عندها هو حجم العلاقات التجارية والسياسية الخفية بينهما. والأمر الآخر الذي اتضح للكثيرين هو أن أيديولوجيا «ولاية الفقيه» تلغي ملكة النقد والتحليل لدى أتباعها، مهما تضمنت هذه الأيديولوجيا من خرافات وأساطير وأخطاء كبيرة.. فهو فقط ينفذ الأوامر التي تصدر من هذا الفكر. والمشكلة أن هذا الأمر ينسحب حتى على بعض العلماء والمثقفين وأصحاب الفكر، لذلك فقد استغل نظام الملالي هذا الأمر في تنفيذ أجندته الخفية ولعب دوراً أقرب إلى المؤامرة منه إلى الحكم. لذا فالسياسة التي يعتمدها في تعاملاته وعلاقاته مع الآخرين، هي سياسة «التقية»، حتى لا تنكشف أجندته الخفية، خاصة عند دول الجوار. وخطورة هذا التوجه كونه قائم على التآمر لتمزيق دول الجوار والعالم العربي والإسلامي ككل، خاصة وأنه جعل من الثأر التاريخي المزعوم هدفاً لكثير من سياساته. والدستور الإيراني نفسه ينص على هذا الموضوع بدعوته إلى «تصدير الثورة» لتحقيق الحكومة العالمية، أو بالأحرى إلى تصدير الإرهاب إلى دول المنطقة والعالم. لقد وضع ملالي النظام الإيراني على رأس مخططاتهم إشعال الحرب الطائفية، ومنذ البداية كانت أهدافهم الشيطانية الدموية ذات الهدف التوسعي واضحة وصريحة في السعي لتنفيذ ذلك المخطط، حيث حركت كل جيوشها الخفية ومجموعاتها الغوغائية ومليشياتها الإرهابية.. في عمليات التدمير والتهيج والتحريض، سواء داخل إيران أو خارجها، وبالأخص في دول الجوار، حتى تحدث بذلك فتنة طائفية مدمرة ويتحول ملالي النظام إلى مجموعة من الأثرياء الذين يمتصون ثروات الشعب الإيراني الفقير وثروة المنطقة بأكملها.