«مشروع التغيير في المملكة.. هل يقاد برؤية إماراتية وينفذ بأدوات سعودية؟»، بهذا السؤال بدأت «الجزيرة» القطرية برنامجاً لها قائمٌ على قصِّ تصريحٍ من هنا، ولصقه على مشهدٍ من هناك، وخلق توليفة من شخصيات وأحداث تضفي على قصتها المفبركة «صدقية» لدى ما تبقى لها من جمهور، وتحظى بتصفيق ذلك المنبوذ في قصره. منذ افتضاح أمر النظام القطري، دأب إعلامه بكل منصّاته وواجهاته وشخصياته على اختلاق وترويج قصة «الرؤية الإماراتية في المشهد السعودي»، فضلاً عن القصص الكثيرة الأخرى. ولا يتسع المقام للحديث عن أهداف الدوحة من ذلك، لكن يمكن إجمالها بمحاولة إنقاذ مشروع الخراب القطري الذي بات مع راعيه على سرير موت واحد. والآن، ماذا يعنون في قطر بـ«الرؤية الإماراتية»؟ لا يعنون بطبيعة الحال الرؤية بمعنى «الصورة الذهنية للغايات المنشودة مستقبلاً، وتطوير العمل للوصول إليها بعد فترة من الزمن»، وإنما مرادهم من «الرؤية الإماراتية» النموذج الإماراتي، أو أسلوب الحياة في الإمارات. فما هو النموذج الإماراتي الذي يحاولون تصويره كأنه شيء خطير، غامضٌ وسري، يجري نقله إلى السعودية عبر أشخاص وأدوات وكيانات؟! الجواب أن النموذج الإماراتي هو نفسه النموذج البحريني، والعماني، والكويتي، بل والقطري، مع اختلاف في الشكل بين كل نموذج وآخر، من حيث الانفتاح الاقتصادي، والتسامح الديني، ولجم التطرف، وإتاحة التعددية الثقافية، وتوسيع هامش الحريات الشخصية، وتعزيز دور المرأة. نعم، يختلف النموذج الإماراتي تماماً عن النموذج القطري فيما يخص الإرهاب والتطرف، فالإمارات تخوض الحرب ضد الإرهاب والتطرف، وقطر تدعم الإرهاب الذي يعيث خراباً في الدول الأخرى، وتسقي التطرّف الذي ينمو في الدول الأخرى، بينما تبقى الحياة في قطر هادئة، مستقرة، يمارس فيها الناس حياتهم بشكل طبيعي. النموذج الإماراتي ليس اختراعاً، وإنما هو مجموعة قيم عالمية تتبناها معظم دول العالم بما يتناسب مع مجتمعاتها، بل هي قيم محلية عربية إسلامية بطريقة أو بأخرى، أو تحت مسميات أخرى، وكانت موجودة في الإمارات قبل أن تتشكّل كدولة، وموجودة في السعودية أيضاً قبل «الصحوة» التي كانت لها ظروفها. ما تبثّه قطر من أكاذيب حول الدور الإماراتي في المشهد السعودي ليس إلا أفلاماً بوليسية من إنتاج شركة «حمد بوند»، والحقيقة أن القيادة السعودية ارتأت إحداث تغيير في مختلف المجالات التي من شأنها تجويد الحياة في المملكة، كما فعلت الإمارات، وفعلت قطر، وفعلت الكويت قبل الجميع، لكن من يديرون الأمور في قطر تدور أعينهم في رؤوسهم وهم يرون الإنسان السعودي فرحاً مستبشراً بعهد جديد ومستقبل أفضل، ولا شيء يشفي بعض غليل صدورهم مثل الجلوس أمام شاشة «الجزيرة» ومشاهدة الأكاذيب. كيف لا يتقطّع من الغيظ ذلك المنبوذ في الدوحة وهو يرى أميراً شاباً تُهلل عواصم العالم باستقباله، مدعوماً برؤية ملك مستنير، وهو يجدّد بلاده ويأخذها إلى المستقبل، وهو الذي كان يتمنى تمزّق السعودية، حتى قال في التسجيل الشهير مع القذافي: «إذا الله أعطانا عمر 12 سنة، أشك شك كبير أنك تشوف الأسرة السعودية»؟!