ربما يتعين على الرئيس دونالد ترامب أن يقوم ببعض الإقالات، ليس منها إقالة وزير العدل جيف سيشنز أو المحقق الخاص روبرت مولر أو نائب وزير العدل رود روزنشتاين.. بل يجب أن يقيل أو على الأقل يقلص بشدة دور المحامي «تي كوب» وكل المحامين داخل البيت الأبيض وخارجه، الذين يعملون لصالح ترامب فيما يتعلق بتحقيق مولر. وهذا لا يعني أنهم يقومون بعمل سيئ، بل لأن الوقت قد حان فحسب كي يتوقف الرئيس عن كل صور التعاون الطوعي مع التحقيق. فقد تجاوز مولر حدود التفويض المخول له بالتحقيق فيما يعرف بالتواطؤ بين حملة ترامب وروسيا، لينتقل إلى تعقب أمور هامشية، والآن اقتحم مجالا تافهاً. وعلى الرئيس ألا يُستدرج إلى الأمور التافهة. فربما انطلقت من عند المحقق الخاص عملية ملاحقة المحامي الخاص لترامب وتعقب صفقات مايكل كوهين مع نساء زعمن أنهن كن على علاقة مع ترامب. وبتحريض من مولر، أصبح مسعى إثبات التواطؤ مع روسيا يتضمن الآن تحقيقاً عاجلا في دور محام في دفع أموال مقابل الحصول على الصمت بشأن علاقة حميمية حدثت قبل عقد من الزمن. وأقول «تحقيق عاجل» لأنه من الواضح أن هذا أجاز لمكتب التحقيقات الاتحادي (اف. بي. آي) مداهمة ثلاثة مواقع لجمع الأدلة ذات الصلة. ولا يمكنني أن أتخيل أن ليس هناك أمور أكثر أهمية ونفعا لـ«اف. بي. آي». وإذا كان هذا هو ما آل إليه التحقيق، فعلى ترامب ألا يتعاون طوعاً بأي طريقة. هكذا ببساطة. ومن المفهوم أن ترامب غاضب، لكن عليه أن يترك التحقيق وشأنه ويدع تحقيقات مولر تسير في مضمارها وتتمخض عن تقاريرها. وحينها فقط يتعين على ترامب القيام بالعمل الملائم. وبدءاً من الرئيس، يجب على البيت الأبيض التوقف عن التحدث بشأن مولر. والتعاون الطوعي مع التحقيقات يجب ألا يكون تلقائياً من الآن. فكل شاهد في التحقيق ينبغي ألا يشعر بأنه مجبر على تغذية التحقيق الذي يسير على غير هدى والمسعى المستبسل للنيل من ترامب. لقد بلغ السيل الزبى. والتحقيق لم يعد جاداً. ولا أريد أن أناقش مسعى «اف. بي. آي» في تدليل وتبرئة هيلاري كلينتون في مقابل المعاملة التي يلقاها ترامب. وعلى الجمهوريين في الكونجرس أن ينحوا تحقيق مولر جانباً وأن يلتفتوا لأعمالهم. وعلى الحزب الجمهوري أن يضع الخطط للحملات الانتخابية متجاهلا عدم اليقين الذي يحيط بتحقيق مولر. فالديمقراطيون وحلفاؤهم في وسائل الإعلام سيواصلون الحديث عن مولر على أي حال، فلمَ نقدم لهم المزيد من الذخيرة؟ ولعله من المثير للسخرية أنه يتعين على ترامب أن يتعلم من خبرة بيل كلينتون. فقد كان كلينتون يرى أن مداعباته لمتدربة في البيت الأبيض ولنساء أخريات لم تكن أموراً مهمة. وكان يعتقد أنه يستطيع الكذب بشأن ماضية، وأن هيلاري كلينتون ستواصل الدفاع عنه ودعمه، وأنه أذكى من أي محام آخر. وكاد أن ينجح في هذا، لكن انتهى به الحال إلى مقابلة مع فريق كين ستار وتغيرت الأمور. وأعتقد أنه لو عاد الزمان إلى الوراء لتعاون كلينتون وفريقه بشكل أقل بكثير مما فعلوا. وربما مازال مولر شخصاً طيباً ومهنياً وأميناً كما أعتقد، لكن ينبغي الحسم الآن، وعليه أن يعلن ما تمخض عنه تحقيقه. وعلى ترامب التوقف عن التقام الطُعم وعن الانشغال الزائد بمولر، وعلى فريق الرئيس التوقف عن الكلام. *مستشار سياسي سابق في إدارتي ريجان وبوش الأب ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»