الغريب أن يرفض البعض حماية رئيس حكومة لشعبه، حتى وإن كان هذا الشعب ممثلاً في عامل يدوي بسيط أو خادمة منزل لا يتجاوز راتبها مائتي دولار أميركي! إن البعض يغضبون إن قامت عاملة بالإساءة إلى طفل، أو ربة منزل، أو إن أساءت الأدب على أحد ممن هم في البيت، وينسون أنها جاءت كعاملة، وليست كأم ترعى أطفالاً ليسوا أطفالها.. كما تقوم الدنيا لدى هؤلاء ولا تقعد إن قامت هذه «المختلة عقلياً» بجرمية مهما صغرت وقلَّ ضررها، ولا يرون ما يحدث في بعض منازلهم أحياناً من اضطهاد وتعنيف وحرمان تواجهه هذه العاملة، حتى وإن كان بطريقة غير مقصودة ولا منهجية. لماذا يرفض هؤلاء، وهم قلة على كل الحال، الاعتراف بالواقع ولا يسعون لتجديد علاقتهم بالخدم وبقية البسطاء من العمال الآخرين لديهم؟ لماذا يصر هؤلاء على التعامل أحياناً مع الخدم كما لو أنهم آلات بلا مشاعر، عليها أن تعمل وتنفذ الأوامر والرغبات دون أي اعتراض أو حتى دون مطالبة بأي حقوق؟! إن كثيراً من العمال، وضمنهم خادمات المنازل، وحتى قبل أن يصلوا إلى دول الخليج العربي، يتعرضون لاستغلال من مكاتب الوساطة وتصدير العمالة في بلدانهم، ويدفعون لهذه المكاتب ما يملكون وما لا يملكون حتى يستطيعوا الوصول إلى أرض الأحلام (الخليج).وهنا تستمر حلقة الاستغلال، لكن في هذه المرة تكون الأسر الخليجية هي الضحية، إذ تطلب المكاتب الوسيطة مبالغ خيالية من أسر هي في أمس الحاجة للعاملة. لكن ما ذنب العاملة في عملية استغلال منذ البداية وحتى النهاية؟ إن تحديد المسؤوليات في هذا الخصوص يعني أن توزع الأدوار يعقّد الموضوع على أفهام البعض. فقد جاءت العاملة لتساعد في أعمال البيت دون أي مسميات أو مهام أخرى تنضاف إلى المهام المطلوبة منها أصلاً. إن حقوق هذه الفئة مضمونة في قوانين دولة الإمارات العربية المتحدة، بل لعل دولة الإمارات من أكثر الدول في العالم احتراماً لفئة العمال. لكن بالرغم من هذا لا يزال هناك البعض ممن هو غير مدرك لطبيعة الواجبات المناطة بالعاملة، ولا الالتزامات المطلوبة منه كرب عمل. لذلك، فأي رئيس حكومة أو دولة يسعى جاداً إلى تعزيز كرامة مواطنيه والحفاظ عليها، هو رئيس يستحق الاحترام مهما اختلفنا معه، فدوره الحقيقي هو تأمين احترام أبناء شعبه في الداخل والخارج، دون أي استثناء حسب الفئة المهنية أو الطائفة الدينية. فالدور الذي لابد أن تقوم به الدول هو حماية مكانة أفراد مجتمعها مهما كانت طبيعة أعمالهم. ورغم أن كثيراً من البيوت تعامل فئة الخدم كأعضاء في الأسرة، لهم احترامهم وتقديرهم المحفوظان، فإن البعض ما زال يتعين تذكيره بأننا أصبحنا في زمن احترام حقوق الإنسان، أياً كان عمله أو لونه أو جنسه أو جنسيته.