لم يتسنّ للبطل الجديد في المسلسل إلا الظهور في حلقته الأخيرة، لكنه استطاع أن يفرض نفسه كبطل أوحد ووحيد للمسلسل، بعد أن أطلّ على الشاشة ووصف الاتفاقية بالفاسدة والمتعفنة، ثم مزّقها بتوقيعه. هذا ما فعله الرئيس الأميركي دونالد ترامب مساء أمس الأربعاء، كتب بنفسه سيناريو الحلقة الأخيرة لمسلسل «الاتفاق النووي الإيراني»، ذلك المسلسل الطويل الذي لم يكن أحد يعرف حلقته الأولى، ولا شخصياته، ولا من كتبه، ولا من أخرجه، ولا من أنتجه، ولا أحد كان يعرف إن كان له حلقة أخيرة من عدمه. كان المسلسل لا يزال يعرض رغم أن الاتفاق النووي كان قد وُقّع بين ملالي إيران، وبين جهة تدعى (مجموعة 5 + 1)، وهي هيئة شكلتها الأمم المتحدة من الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، إضافة إلى ألمانيا، وذلك لـ«إقناع» الملالي بتنفيذ عدد من القرارات الصادرة من مجلس الأمن، ولم يكن لهذه المجموعة أي صفة لتوقيع أي اتفاقية دولية، ومع هذا وُقعت الاتفاقية، لكن لا أحد كان يعرف ما الذي تم التوقيع عليه تحديداً، على الرغم من أن الجميع كانوا يقولون إن ثمة اتفاقاً قد وُقع. ولعل أكثر حلقات المسلسل غرابة كانت تلك التي ظهر فيها الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، وقال فيها من البيت الأبيض حيث كان يسكن، وفي رواية أنه قال ذلك من على منصة الأمم المتحدة، «إن فتوى المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران السيد علي خامنئي حول تحريم السلاح النووي تشكّل آلية جيدة للالتزام بالاتفاق»! هكذا كان أوباما يبحث عن أي موقف من طهران يمكن اتخاذه كحجر أساس للاتفاق النووي معها، أي نقطة بدء للانطلاق في ماراثون الاتفاق مع إيران على عدم استخدامها برنامجها النووي في الأغراض غير السلمية، فقدم المرشد الإيراني ذلك الحجر المنتظر عبر خطبة له في المسجد أمام حشد من المجانين، قال فيها ضمن ما قال: «لقد أصدرنا فتوي بحرمة إنتاج السلاح النووي قبل سنوات، وذلك لتعارضها مع الشرع والأخلاق، لكن الأميركان رغم أنهم يعترفون أحياناً بأهمية هذه الفتوى، يكذبون ويهددون في إعلامهم ويزعمون أن تهديداتهم هي التي حالت دون إنتاج السلاح النووي الإيراني». وضمن سلسلة «لا أحد يعرف»، في المسلسل سيء السمعة، فلا أحد كان يعرف كيف ترجمت عبارات خامنئي للرئيس الأميركي السابق، وهل ترجمت أيضاً تلك العبارات التي يمنّ فيها على أميركا، وعلى الأسرة الدولية، أنه أصدر فتوى «مهمة» بهذا الشأن، وأن تلك الفتوى هي التي تمنع بلاده من إنتاج السلاح النووي، وليس تهديدات البيت الأبيض، لتعارض ذلك مع الشرع الذي يعتقد خامنئي أنه حاميه، والأخلاق التي يعتقد أنه حارسها، لكن كان من الواضح أن أوباما أكثر رجل في العالم يصدق اعتقاد خامنئي في نفسه! كنس ترامب بتوقيعه كل الفوضى التي ساهم سلفه في إحداثها بتبني تلك الاتفاقية المشؤومة التي مكّنت للملالي بممارسة المزيد من الأنشطة الإرهابية في الشرق الأوسط، وقرّبتهم من موعد تصنيع القنبلة النووية بدلاً من أن تفعل العكس كما كان يحلم منتجو المسلسل.