لو تخيلنا هذا العنوان لوحة فنية رسمها «دافينشي»، وطلب منا البحث عن الفروقات السبعة بين النوويين لوجدنا أكثر، وهو ما نسعى إلى توضيحها ليس عدداً، وإنما سياسة وواقع أَمر مما نتصور. نووي «كيم» عندما هدد جزيرة «غوام» الأميركية استشاط «ترامب» غضباً مهدداً بحرب شعواء لا تدع كوريا الشمالية ولا تذر. وهذه الحالة من التصعيد أوصلت الطرفين إلى نقطة التقاء بين الكوريتين أولاً والأهم من كل ذلك، موافقة أميركا للجلوس حول طاولة المفاوضات للتوصل إلى صيغة يمكن من خلالها التخلص من السلاح النووي الذي كاد أن ينقل الحرب الباردة المتواصلة منذ قرابة سبعة عقود إلى حرب كونية توقفت عند لحظة المصافحة السياسية بين الكوريتين عند خط الحدود الفاصل بين البلدين. كان السلاح النووي لكوريا الشمالية أداة ابتزاز للحصول على المزيد من المساعدات للشعب بالذات كوريا الجنوبية والصين. لم تسع كوريا الشمالية بسبب امتلاكها هذا السلاح الفتاك يوماً إلى توسيع نفوذها داخل ممتلكات جيرانها، بل ظلت تراوح مكانها، وكادت أن تحفر قبرها بيديها حتى حان اللقاء المنشود بين «كيم وترامب»، ونحن نترقب الساعة المشهودة إذا لم يغير «ترامب» رأيه، وإن كنا نعيش لحظات من بريق الأمل لإنهاء هذه الأزمة التي أكلت من عمر الأجيال في القارة الآسيوية، وجاء الوقت المناسب الآن لقول كفى. هذا باختصار بعض مواصفات اللوحة الفنية النووية في كوريا الشمالية التي سوف نقارنها بالنووي الإيراني. الحقيقة المتشابكة بين ثنايا الأحداث تقول بأن النووي الإيراني من مفاعيل الدستور الإيراني في 1979 بتصدير الثورة، وليس من مفاعل «نطنز» أو غيره، علماً بأن المفاعل النووي الحقيقي في «قم»، حيث يؤصل لـ «قم للثورة، ووفها التبجيلاً كاد الخميني أن يكون رسولاً». من هذا المكان تصدر بذور الطائفية الملوثة إلى كافة أرجاء العالم السني والشيعي، واللاتيني أيضاً. ويرفد هذا المكان «أشبال جعفر الطيار» منذ نعومة أظفار أطفال إيران، حتى وقت انضمامهم إلى ميليشيات الحرس الثوري التي اخترقت جدار «برلين» في لبنان والعراق وسوريا واليمن، وفِي تنفيذ ذلك لم تستخدم سلاحاً نووياً واحداً، بل جميع الأسلحة الأيديولوجية، سواء سُميت مذهبية، أو طائفية أو شيعية «إثنا عشرية»، فكلها تذهب منحى تفتيت العالم العربي والإسلامي على المدى البعيد وبمساعدة الغرب، وعلى رأسه أميركا التي تعد إيران ذراعها الإستراتيجي لإعادة بناء شرق أوسط جديد، تكون إيران رأس حربة، بل اعتبرتها بعض الدراسات العسكرية الأميركية الحديثة بأحد أضلاع مثلث برمودا السياسي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وبالتنسيق التام مع دولة الكيان الصهيوني التي تسعى إلى التضخم على حساب العرب والمسلمين، وكذلك إيران الهلال المجوسي التي تستغل التشيع وسيلة لدغدغة المشاعر الدينية للجهلة من أتباع التاريخ الغابر وإزاحة غباره للتشويه على الحاضر، لكي تشكل إيران وإسرائيل طوقاً محكماً وخانقاً على رقبة العرب والمسلمين قاطبة، فإسرائيل الكبرى بلا حدود مرسومة حتى الساعة وإن كانت معلومة جغرافياً، وإمبراطورية فارسية، وهي «الكسروية الجديدة» في ثوب شيعية ليس لها علاقة بالإسلام، بل بالآلام التي سببتها أكبر من إنتاج أول قنبلة نووية لردع دول الخليج العربي، كما ادعى أحد علماء الفيزياء النووية منذ عقود. على من يبحثون عن مقاربات سياسية بين مشروع التخلص من النووي الكوري الشمالي والنووي الإيراني التدقيق ملياً، وإدراك أن المفارقات بين المشروعين ليست سبعاً، كما هو الحال في مجال اللوحات الفنية، بل هي سبع ضار جائع منذ قرون يريد الانقضاض على الضحية بأي ثمن، فهل يقبل العالم العربي والإسلامي لنفسه أن يكون رهينة لهذا المصير المهين؟