«.. إن محاربة التطرف والإرهاب إعلامياً وفكرياً لا تقل أهميةً عن محاربته أمنياً وعسكرياً، بل قد تكون أكثر أهمية، لما للإعلام من تأثير مباشر في نشر قيم التسامح والتعايش المشترك وقبول الآخر، وترسيخ الإيجابية في المجتمعات».. بمثل هذا الحديث، يفتح صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، جبهة أخرى للحرب ضد الجماعات الإرهابية ومن والاها ودعمها، وعلينا أن ننخرط فيها جميعاً، خاصة نحن المنشغلين في الإعلام، بحيث يتطابق الظاهر مع الباطن، والسر مع العلن، والوظيفة مع الدور، واستراتيجيات الدولة أو الدول مع تكتيكات القائمين بالإعلام. هنا علينا النظر إلى الإعلام من زاوية القدرة على التغيير لكشف الحقائق دون خوف، مع استحضار الضمير وفق رسالة الإيمان، ما يعني أن الحرب على الإرهاب هي بالأساس حرب إيمانية، لأن الإرهاب يشكل خطراً على الخَلْقِ جميعهم، وينتشر الفتن والقتل والخراب، ويُحدث في الأرض الفساد. من ناحية أخرى، فإن كلمة سموه يوم الاثنين الماضي لدى استقباله وزراء إعلام الدول الداعية لمكافحة الإرهاب، المشاركين في الاجتماع الرباعي لمناقشة سبل تنسيق المواقف وتطوير آليات التعاون لمواجهة آفة دعم وتمويل واحتضان التطرف والإرهاب، تعنينا جميعاً، محلياً وعربياً، لأن سموه يرى «أن الإعلام يؤدي دوراً محورياً بوسائله كافة في مواجهة خطاب الكراهية والفكر المتطرف، وأن مواجهة الإرهاب تكمن في اجتثاث جذوره الفكرية المنحرفة، وكشف زيف خطاب التنظيمات الإرهابية، واستغلالها الدين الإسلامي السمح للتغرير بالشباب في المنطقة العربية والعالم»، إضافة لسبب آخر يمكن استنتاجه من كلمة سموه، وهو: أن طبيعة المرحلة التي نعيشها تتطلب إعلاماً من نوع خاص، مهمته الكشف عن الحقائق كما هي دون الخوف من أيّ سلطة، وخاصة السلطة الدينية للجماعات والأحزاب والتنظيمات السلمية والعنيفة. بجانب هذا، فإن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، أكد أهمية العمل ضمن استراتيجيات استباقية قائمة على شرح مفاهيم ومضامين الخطاب الإسلامي المعتدل والمنفتح على الآخر من جهة، وتطوير الاستراتيجيات والخطط الإعلامية بما يضمن الوصول الأفضل إلى الرأي العام بفئاته كافة، ويقطع الطريق على أصحاب الأفكار المتطرفة عبر تفعيل جميع الأدوات الإعلامية، خاصة أدوات الإعلام الجديد التي باتت الوسيلة الأفضل لمخاطبة الجمهور، وتحديداً فئة الشباب التي تستهدفها التنظيمات الإرهابية من جهة ثانية، وكل هذا يعني أننا مطالبون بإعلام تقتضيه طبيعة المرحلة. إذن، هناك أربع قضايا كبرى طرحها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد في كلمته، أولها: فتح جبهة جديدة ضد الإرهاب، من خلال تفعيل الإعلام، وثانيها: تصحيح مضامين الخطاب الإعلامي، ما يترتب عليه تعديل المسار، وثالثها: وضع استراتيجيات استباقية، ورابعها: توظيف الوسائل الإعلامية خاصة الحديثة بما يحقق الخطط الإعلامية الموضوعة، والسؤال هنا: ما السبل لجعل الإعلام العربي معبراً عن المرحلة الراهنة ومشاركاً في التغيير، ومحارباً شرساً للإرهاب والتطرف والظلامية؟ إجابة السؤال السابق تقودنا حتماً إلى مسالة في غاية الأهمية، وهي: ضرورة تجميع كل الطاقات في مجال الإعلام، بحيث لا يكفي التعويل على مؤسسات الدولة ووسائلها الإعلامية، وأيضاً ضرورة أن يكون الإعلاميون مبتكرين لوسائل المواجهة، ويملكون القدرة عن التمييز، وألا يَسُوقُوا الدول والحكومات إلى خطاب الكراهية، باعتقاد منهم أن هذا هو المطلوب، وبناء عليه أتصور أن كلمة سموه عامة لكل الإعلاميين، وليست خاصة بالمسؤولين، وإذا تمَّ تجسير الفجوة بين الفريقين، فبالتأكيد سنتكمن من مواجهة الإرهاب.