تعد الثوابت الدينية والسمات العربية الأصيلة، والتسامح والتعايش السمة، الأبرز في مسار ونهج دولة الإمارات الحضاري التي تستمد ملامحها من القيم العليا والتقاليد العربية الأصيلة، وهذا التسامح هو مما ساهم في تدعيم الأمن والسلم الاجتماعي في هذا البلد المعطاء الآمن المستقر، وقيمة مضافة لما تتميز به هذه البلاد من نهج منفتح، وهو أرث طيب وقيمة تنضاف إلى رصيد وموارد التقدم والنهضة والازدهار التي تشهدها الإمارات، التي تحرص قيادتها على تقديم نموذج حضاري مشرق في منهجها القائم على الاعتدال ونبذ العنف والتطرف ومحاربة الإرهاب والتصدي له بكل الوسائل. وتتعايش على أرض الإمارات الأعراق والديانات والثقافات المختلفة، وقد نجحت في استيعاب واستقطاب كل ذلك التنوع من دون التخلي عن هويتها الدينية السمحة وثوابتها العربية وهويتها الوطنية. ولو توقفنا عند السياسة التي ينتهجها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، فسنلاحظ بوضوح أن لهذه السياسة المعتدلة والمنفتحة دوراً بارزاً في تعزيز ثقافة التسامح الديني عبر رسالة الاعتدال. ومن هنا أتى تصريح سموه قبل عدة أيام بقوله: «إن محاربة التطرف والإرهاب إعلامياً وفكرياً لا تقل أهمية وتأثيراً عن محاربته أمنياً وعسكرياً، بل قد تكون أكثر أهمية لما للإعلام من تأثير مباشر وفعال في نشر قيم التسامح والتعايش المشترك وقبول الآخر وترسيخ الإيجابية في المجتمعات»، مؤكداً سموه على مواجهة خطاب الكراهية والإرهاب والفكر المتطرف، ومطالباً وزراء الإعلام بمواجهة الإرهاب واجتثاث جذوره الفكرية المتطرفة والمنحرفة وكشف زيف خطاب التنظيمات الإرهابية. لذلك أصبحت دولة الإمارات بلاد التعايش والمحبة والسعادة، حيث تتواجد أكثر من 200 جنسية تمثل مختلف الديانات والقوميات والمذاهب، وهذا ما جعل دولة الإمارات تدرك مبكراً أهمية نشر ثقافة الحوار والتسامح، وهو نهج ورؤية مؤسس هذه البلاد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والتي تصادف هذه الأيام ذكرى رحيله. وهذا النهج وهذه السمات نراها اليوم تتحقق جلياً عبر جهود وفكر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي، وهو الذي يمثل بكل جدارة رمزاً للتواضع الجم وللأخلاق العالية وللتسامح ونشر ثقافة الحوار وقبول الآخر. ومن أجل هذا خاطب وزراء الإعلام للدول الأربع الداعية لمحاربة الإرهاب، وطالب بتطوير الاستراتيجيات والخطط الإعلامية بما يضمن الوصول الأفضل إلى الرأي العام بجميع فئاته، وبما يقطع الطريق على أصحاب الأفكار المتطرفة والمنحرفة والمخربة، عبر تفعيل جميع الأدوات الإعلامية، مطالباً سموه بالوقوف صفاً واحداً أمام الأفكار الهدامة والأفعال الإجرامية. وجاءت تلك الكلمات المؤثرة في هذه المرحلة الحرجة، لأن التحديات كبيرة ومعقدة وصعبة، والمسؤولية تقع على عاتق الجميع في توحيد الصفوف والتغلب على هذه التحديات الخطيرة التي تداهم المنطقة عبر قوى تريد العبث بمقدرات البلدان والشعوب، لذلك يتعين تصحيح المفاهيم الخاطئة حول رسالة الأديان الصحيحة المعتدلة، لأن المنطقة الآن أصبحت محاطة بعدة مخاطر، وباتت مهددة في أمنها واستقرارها، ودينها وثقافتها وثوابتها.. جراء تشويه الدين الحنيف السمح المعتدل. ونحن الآن في شهر رمضان، شهر العبادات والرحمة والتسامح، لكن للأسف طغت الطائفية التي تريد الفتك بالعقيدة وتشويهها، وكذلك الأفكار المنحرفة المتطرفة والمتصلبة والتي أيضاً تهدد الهوية الثقافية لبلدان المنطقة وثوابتها النبيلة.