لم تحظ دعوة الرئيس دونالد ترامب غير المتوقعة لإزالة كل العراقيل التجارية بالكثير من الاهتمام وسط زعماء مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى، ربما لغضبهم من سلوك الرئيس أثناء قمتهم وإياه في كندا مؤخراً. لكن تطبيق الفكرة جزئياً يمثل طريقة جيدة لنزع فتيل الحرب التجارية التي تختمر دون منع الدول من حماية أسواق معينة. ومطالبة ترامب ببنود أكثر عدالة في التجارة للولايات المتحدة ركزت على الرسوم. لكن الرسوم، في المتوسط، لا تضع الولايات المتحدة في وضع سيئ كثيراً حتى لو كانت الرسوم التي فرضها الاتحاد الأوروبي وكندا أعلى قليلاً مما تفرضه أميركا. وهناك بعض التفاوتات تختفي خلف النسبة المتوسطة. فالاتحاد الأوروبي يفرض ضرائب على السيارات الأميركية تبلغ 10% أي أعلى بنسبة 7.5% عن الرسوم التي تفرضها الولايات المتحدة على السيارات الأوروبية. لكن الرسوم التي تفرضها الولايات المتحدة على عربات القطارات تبلغ 14% مقارنة مع 1.7% في أوروبا. وكل عدم توازن يمثل مصدر ضيق في بعض الصناعات وهو ما يخلق احتمالات لا نهاية لها للصدامات، في الوقت الذي تبذل فيه جماعات المصالح ضغوطها. والتخلص من الرسوم كليةً يخلصنا من هذا التنافر. وفي الوقت نفسه، يتيح هذا للدول أدوات كثيرة لحماية أسواق معينة باستخدام حواجز أدق غير الرسوم، مثل الحصص واللوائح الصحية ومتطلبات الجودة التي يمكن أن تكون أكثر كلفة وغير متساوية بشكل كبير مقارنة بالرسوم حين تطبق وسط الحلفاء الغربيين. ومن الصعب تحديد هذه الإجراءات كميا بسبب التفاوت الكبير في تقييم تأثيرات قيود التجارة على الأسعار النهائية للبضائع. وقدمت محاولة أجريت أثناء المناقشات المبكرة بشأن «شراكة التجارة والاستثمار عبر الهادئ» عام 2015، مقارنة للجهود السابقة لحساب المقابل من الرسوم للحواجز التي لا تتضمن رسوماً. وأشار المؤلفان كوين بيردن وجوزيف فرانسوا إلى دراسة لعام 2009 أظهرت أن اللوائح المطبقة في ذاك الوقت أضافت رسوماً تصل إلى 48.2% من سعر الفواكه والخضراوات الأميركية في أوروبا، وكانت الولايات المتحدة تفرض 60.2% رسوماً على الفواكه والخضراوات الأوروبية عبر لوائح الاستيراد. وهاجم ترامب مراراً فرض كندا رسوماً على الحليب الأميركي تبلغ 270%. لكن ما السبب وراء قلقه من صادرات الحليب إلى كندا هو إجراء لا يتعلق بالرسوم. ونتيجة عرقلة تصدير الحليب الكامل إلى كندا بسبب الرسوم، بدأت صناعة منتجات الألبان الأميركية بيع ما يطلق عليه الحليب فائق التصفية، وهو منتج غني بالبروتين يستخدم في صناعة الجبن غير الخاضع للرسوم. وأبلى المصدرون الأميركيون بلاء حسناً العام الماضي إلى أن دفع منتجو الألبان الكنديون بلائحة جعلت سعر مكونات منتجات الحليب المحلي أقل من أسعار السوق العالمية مما أضر بقدرة الواردات الأميركية على الصمود. ومازالت كندا تشتري منتجات ألبان من الولايات المتحدة أكثر مما تبيع هي لها. ولو ألغت كندا رسومها البالغة 270% لظل بمقدورها حماية مزارعيها من خلال إجراءات شبيهة بـ«استراتيجية المكونات القومية» التي أنشأت فئة جديدة من منتجات الحليب. وأكد لاري كودلو مستشار ترامب الاقتصادي أن فكرة الرئيس تتضمن وضع عراقيل دون رسوم. وإزالة التعريفات ستمثل بداية جيدة لمجرد أنها تساعد في نقل التجارة من النطاق الشعبوي للحلول المبسطة والعودة به إلى غرف المفاوضات التي يتداول الأمر فيها متخصصون مهتمون بالتفاصيل. وإلغاء الرسوم يقدم لترامب نصراً يستطيع أن يعلنه دون الإضرار بحلفاء أميركا. *كاتب روسي مقيم في برلين يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»