حسنا فعلت الحكومة الاتحادية حين أعادت صياغة قوانين الرسوم التي يتعين على أصحاب المال والأعمال دفعها، فقد تحولت بعض الرسوم إلى كابوس مزعج لكل ما يفكر في استمرار مشروعة التجاري، أو في البدء بمشروع تجاري جديد. والواقع يقول إن زيادة الرسوم، التي عادة ما تعكر ميزانية أصحاب الأعمال ليست في صالح الدولة على المدى البعيد، فالذي يملك المال اليوم لن يملكه إلى الأبد، وليس من المنطق أن تذهب الأرباح إلى رسوم ومعاملات لا ترى أبعد من أنفها. إن خطر رفع الرسوم يكمن في «تطفيش» المال من السوق المحلي، وهذا يتناقض بشكل كبير مع حاجة السوق ومتطلباته. فالدولة تعتبر أفضل جاذب للاستثمار على مستوى المنطقة، لكن ارتفاع بعض الرسوم لهذه الدرجة جعل من الصعب أن تحتفظ البلاد بهذه الميزة، وكان لابد من تدخل الحكومة في الحد من عبء الرسوم والغرامات، وهو مايمكن اعتباره تصحيح لبعض سلبيات الفكر الرأسمالي الذي يغض الطرف أحياناً عن أن السوق يقوم على المشاركة والدعم والتحفيز لضخ مزيدٍ من الأموال، ولعل هذه القرارات لابد أن تمتد إلى أسعار إيجارات المحلات التجارية. بعض المولات تشترط الحصول على نسبة تتراوح بين 15 إلى 25 بالمئة من صافي أرباح التاجر، والأمر الذي قل نظيره في العالم. فلم يعد صاحب العقار يكتفي بعوائد الإيجار المرتفع بشكل مبالغ فيه، بل ذهب إلى المطالبة بنسبة ليست بالهينة من صافي الأرباح! السؤال هنا في ظل وضع السوق الحالي، ألا يفترض بأن تكون هناك استيعاب لحقيقة الوضع، وإلغاء مثل هذه الرسوم، التي تحولت إلى جباية وإنهاك لميزانية التاجر، التي تحول كل همه إلى سداد الفواتير بدلاً من ضخ مزيد من النقد لتطوير خدماته وجذب مزيد من المتسوقين. وأتمنى من المراكز التجارية ألا تنتظر قانوناً حكومياً، بل إن الأجدر بها، ومن باب المشاركة الفاعلة في السوق ودعمه، أن يعملوا على تخفيض الإيجارات والرسوم وغيرها من الاشتراطات المرهقة لأصحاب الاستثمار. ننتظر مبادرات مؤثرة من القطاعات التجارية على أن تكون داعمة لتوجهات الحكومة وليس العكس.