حذّر الرئيس دونالد ترامب، الأسبوع الماضي، المهاجرين الذين «يزعجون» الولايات المتحدة، ووعد رئيس الوزراء اليميني المتطرف الجديد في إيطاليا بـ«تطهير» بلاده من طالبي اللجوء من خلال عمليات ترحيل جماعي. وفي هذه الأثناء، اتخذت إسبانيا منحى مختلفاً. فرست سفينة «أكواريوس»، التي تشغلها منظمة مساعدات وتحمل 629 مهاجراً من «منطقة شبه الصحراء الأفريقية»، في مدينة فالنسيا الإسبانية يوم الأحد، بعد رفض إيطاليا استقبالها، حيث تتخذ الحكومة الشعبوية موقفاً متشدداً ضد المهاجرين، كما رفضت مالطا أيضاً استقبالها. غير أن رئيس الوزراء الاشتراكي الجديد في إسبانيا «بيدرو سانشيز» أكد أنه أراد إنهاء «كارثة إنسانية» ورحب بمئات المهاجرين، الذين سيحق لهم التقدم بطلب لجوء. وقد استعاد «سانشيز» أيضاً تقديم الرعاية الصحية الأساسية للمهاجرين. وكان رئيس الوزراء اليميني السابق «ماريانو راخوي»، الذي حلت حكومة «سانشيز» والاشتراكيين محله بعد فضيحة فساد عصفت بحزبه، قد جرّد المهاجرين من ذلك الحق. وأعلنت وزارة «سانشيز» عزمها إزالة حواجز الأسلاك الشائكة في «سبتة» و«مليلية» في شمال أفريقيا. وترى المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان أن تلك الحواجز قاسية وغير فعّالة. وعلى رغم من أن الجدل المحتدم بشأن الهجرة في أنحاء أوروبا، إلا أن إسبانيا نأت بنفسها، وخلال العقدين الماضيين، لم تستوعب سوى دول قليلة في الغرب مهاجرين أكثر من إسبانيا. وقد وجد قرار مدريد السماح لـ«أكواريوس» بالرسو تأييداً شعبياً. وقال «جوزيب بوريل»، وزير خارجية إسبانيا الجديد، أثناء زيارة إلى واشنطن بصحبة الملك الإسباني، «إن الجميع في أوروبا مصاب بفيروس الخوف من الهجرة، لكن المسألة مختلفة في إسبانيا». وأشار «بوريل» إلى أنه في حين يتزايد «المشككون» في أوروبا في مناطق أخرى، فإنه لا يوجد أحد في إسبانيا ينازع في أن مستقبلنا لا بد أن يُبنى داخل الاتحاد الأوروبي. وهذه رسالة سارة للسياسيين المحاصرين في كل من بروكسل وبرلين، وفي حين أن راخوي كان «ممثلاً خاضعاً على المسرح الأوروبي، يبدو أن سانشيز يتجه للعب دور أكبر». وربما أن ذلك غير ضروري، فالاشتراكيون يحكمون في الوقت الراهن من خلال حكومة أقلية، ولديهم دعم محدود من أحزاب وفصائل إقليمية تميل إلى اليسار. ويعني ذلك أن لديهم هامش ضئيل لتمرير تشريعات كبيرة، وإن كانت السلطة التنفيذية لديها مطلق الحرية بشأن السياسة الخارجية. ويعتزم «سانشيز» لقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في نهاية الأسبوع، وهو الاجتماع الأول بين زعيمين شابين ونشطين يدافعان عن التكامل الأوروبي. ولفت «ميغول أوتيرو إجلسياس» المحلل رفيع المستوى لدى «معهد إلكانو الملكي» في مدريد إلى أن «سانشيز» سيفعل مثلما يفعل «ماكرون»، في إشارة إلى محاولة كسب «هيبة وصورة رجل الدولة» في إسبانيا من خلال لعب دور أكثر نشاطاً على الساحة العالمية. و«بوريل»، البالغ من العمر 71، هو رئيس سابق للبرلمان الأوروبي ويُنظر إليه على أنه رجل الدولة المحنك في وزارة «سانشيز». وأشار في تصريحاته إلى ضرورة توصل الدول الأوروبية إلى خطة مشتركة للتعامل مع أزمة الهجرة، لاسيما أن دول، مثل إيطاليا واليونان، تشتكي من مظالم كونها على خط الجبهة، بينما تتصدى بعض الحكومات في شرق ووسط أوروبا للتوجيهات من بروكسل التي تقضي باستيعاب مزيد من طالبي اللجوء. وعلى رغم من تعاطف «بوريل» مع وجهة النظر الإيطالية، لكنه دافع عن الجهود المبذولة من قبل بعض الدول، ومن بينها إسبانيا، التي تسعى لإبرام صفقات مع دول أفريقية ودعم التنمية الاقتصادية هناك، قائلاً: «إن هذه ليست أعمالاً خيرية وإنما منفعة اقتصادية وواجب إنساني». يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»