تأسست «مجموعة الـ7»، التي تضم دولاً صناعية وديمقراطية في عام 1976 بهدف تعزيز التعاون الصناعي والاقتصادي ودعم المفاهيم الدولية التي ترتكز على الديمقراطية الليبرالية والتجارة الحرة. ومجموعة الدول الـ7 ضمّت في عضويتها في الأساس الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان. وبعد تفكك الاتحاد السوفييتي في عام 1991، انضمت روسيا في عام 1998 لتتشكل مجموعة الدول «الـ8» أملاً في أن تلتزم روسيا الجديدة بفلسفة مجموعة الدول الـ7 الكبرى. غير أنه بحلول ذلك الوقت أصبح مفهوماً أن العدد الكبير للدول الناشئة التي حققت مستويات مرتفعة من النمو الاقتصادي قد جعلتها قوى فاعلة ومهمة عالمياً، بغض النظر عن أنظمتها السياسية والتزامها بترجمة الغرب لحقوق الإنسان العالمية. وقد تمخّض ذلك عن إنشاء مجموعة الـ20 في عام 1999 بإضافة 12 عضواً جديداً إلى مجموعة الـ8، لتشكيل كيان أكبر، وإن كان مختلفاً. وكان الأعضاء الجدد: الصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا وكوريا الجنوبية والأرجنتين والمملكة العربية السعودية وأستراليا والمكسيك وإندونيسيا وتركيا والاتحاد الأوروبي. وينصب تركيز «مجموعة الـ20» على النمو الاقتصادي، أما مجموعة «الـ7» فتكرس قدراً كبيراً من أجندتها للقضايا الإنسانية والسياسية واسعة النطاق. وفي عام 2014، طُردت روسيا من مجموعة الـ8، بسبب ضمها لشبه جزيرة القرم وتدخلها العسكري في أوكرانيا، لكنها لا تزال عضواً في مجموعة الـ20. وعُقد الاجتماع الأخير لمجموعة الـ7 في كندا خلال الفترة من 8 إلى 10 يونيو الجاري، وشهد الاجتماع خلافاً حاداً بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والزعماء الآخرين بشأن قضية الرسوم الجمركية والتبادلات التجارية. وبرغم ذلك، اتفقت المجموعة على بيان مشترك متوازن ومحايد نسبياً بحلول نهاية الاجتماع. لكن بعد ساعات قليلة غرّد ترامب من على متن الطائرة الرئاسية، بينما كان في طريقه إلى قمة مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون في سنغافورة، قائلاً إن الولايات المتحدة سحبت تأييدها للبيان الختامي المشترك بسبب انتقاد رئيس الوزراء الكندي «جاستين ترودو» للسلوك الأميركي في مؤتمر صحافي عند نهاية الاجتماع الرسمي للمجموعة. وقد تم النظر إلى سلوك ترامب كدليل على أن شعاره «أميركا أولاً» الذي أطلقه أثناء حملته الانتخابية، يعني في واقع الأمر «أميركا منعزلة»، وجعل كثيرين يتساءلون حول ما إذا كانت الولايات المتحدة في ظل قيادة رئيسها الحالي، يمكن أن تكون القائد التقليدي للغرب. ويبدو أن سجله حتى الآن في هذا الصدد «غير مطمئن» من وجهة نظر بعض الحلفاء التقليديين لواشنطن. فقد تخلى عن اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ التي سهلت كثيراً من الاتفاقيات التجارية بين الحلفاء الآسيويين لأميركا، وكذلك كندا. وهدّد أيضاً بالانسحاب من اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية؛ وانسحب من اتفاق باريس حول التغير المناخي لعام 2015. وعلى النقيض من ذلك، وقبل قمة كندا، أشار ترامب إلى أنه ينبغي أن تتم دعوة روسيا لكي تعود مجدداً إلى أحضان مجموعة الدول الـ7 من دون أي تشاور مع الحلفاء الذين يعارضون بشدة مثل ذلك الإجراء. وبناءً على ذلك، من المنطقي أن نسأل ما إذا كانت مجموعة الـ7، حسب تصورها الأصلي على الأقل، لا تزال تتبنى أي هدف، وذلك بالنظر إلى أن أقوى أعضائها يبدو عازماً على افتعال المشكلات مع الأعضاء الآخرين، بينما يكيل المديح باستمرار للمهارات القيادية لقادة مثل فلاديمير بوتين وزعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون! وربما يزعم مؤيدو مجموعة الـ7 وكل ما تدافع عنه أن أفعال ترامب تبدو غير مقبولة لمعظم أعضاء التكتل، وأن عليهم أن يعملوا في الوقت الراهن بجد أكبر لإقناع ترامب بتخفيف تصريحاته القوية وسياساته التجارية غير المثمرة. لكن ذلك لن يكون له تأثير كبير إلى أن يمارس كبار الأعضاء في الحزب الجمهوري ضغوطاً على ترامب. وليس ثمة دلائل على أن ذلك سيحدث قريباً، وإن كانت هناك إشارات إلى أن معاملته القاسية للاجئين والمهاجرين من الشرق الأوسط ومن أميركا اللاتينية على وجه الخصوص، «ليست أميركية» وستضر بالحزب الجمهوري على المدى الطويل. وثمة أمور كثيرة تتوقف على نتائج انتخابات التجديد النصفي في الكونجرس، والمقرر تنظيمها في نوفمبر المقبل. وإذا تمكن الديمقراطيون من السيطرة على مجلس النواب، فسيتعين على ترامب التعاون معهم إذا أراد تمرير أي قانون خلال العامين المتبقيين من عمر إدارته الأولى، مع الحفاظ على فرصة معقولة لإعادة انتخابه في عام 2020.