«إن رصيد أي أمة متقدمة هو أبناؤها المتعلمون، وأن تقدم الشعوب والأمم، يُقاس بمستوى التعليم وانتشاره».. تلك إحدى الأقوال الخالدة للمغفور له، الوالد المؤسس، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والتي رسمت طريق التعليم في الدولة منذ إنشائها. وبناء عليه تقوم وزارة التربية والتعليم على مر العقود بتصميم وتنفيذ كافة الخطط الاستراتيجية لتحقيق الأهداف الموضوعة وفي مقدمتها تطوير العملية التعليمية لتواكب متغيرات العصر واحتياجات سوق العمل وتوفير بيئة التعليم المناسبة للطلبة والتي تتضمن المناهج والمباني المدرسية والوسائل التعليمية والمعلمين وغيرها. ولا ريب أن التعليم يحظى بقدر كبير من اهتمام الحكومة وأولياء الأمور، وذلك رغبة من الطرفين في إعداد وتأهيل الطالب الإماراتي المتميز محلياً وعالمياً. ولكن الملاحظ في الشهور الأخيرة تنامي موجة من السخط وعدم الرضا الواضح من العديد من أولياء الأمور على مجريات العملية التعليمية وسياسة وزارة التربية والتعليم في العديد من المجالات. ولكن دعونا أولاً نتفق على حقيقتين مهمتين. الحقيقة الأولى أن الغالبية العظمى من شعوب دول العالم غير راضية بدرجة كبيرة عن التعليم في بلدانها وبدرجات متفاوتة حتى في ظل تغير السياسات التعليمية هناك. والحقيقة الثانية أننا لا ننكر الرغبة الوطنية لكل من تولى أو سيتولى دفة وزارة التربية والتعليم في الإمارات في تطوير التعليم وتوفير البيئة المناسبة للطالب، على الرغم من «إرث» التحديات التي يتسلمها كل وزير من الذي يسبقه، والتي تتطلب سنوات لمعالجتها والقضاء عليها. ولكن الملاحظ مؤخراً تصاعد الانتقادات والشكاوى وانتشارها في وسائل التواصل الاجتماعي بصورة لم يسبق لها مثيل ضد وزارة التربية والتعليم، وهو أمر غير مألوف في مجتمع الإمارات المحافظ الذي يتميز بقوة الروابط الاجتماعية بين كافة فئاته مما يتطلب منا التوقف أمام تلك الحالة التي نخشى أن تتحول إلى ظاهرة. وقد تناولت الانتقادات الموجهة للوزارة معظم أركان العملية التعليمية ومنها ما يتعلق بالطالب إضافة للمعلمين والمناهج والاختبارات. ونذكر على سبيل المثال صياغة بعض الأسئلة في الامتحانات النهائية لهذا العام الدراسي بطريقة مثيرة للجدل ومخالفة للعادات والتقاليد، واستمرار تواجد طلبة بعض المراحل في المدارس بعد انقضاء الامتحانات النهائية علما بأنه لا يوجد أي برنامج لهم، وصدور سلوك لا أخلاقي وغير انضباطي من بعض الطلبة نتج عنه تخريب بعض الفصول المدرسية ومحتوياتها، وتنامي معدلات الرسوب بين الطلبة في العديد من المراحل، وانتشار الشكوى بصورة كبيرة وواسعة حول محتوى بعض المناهج الدراسية الذي لا يناسب مجتمع دولة الإمارات (الملوخية وأباظة والبطاطا)، وضعف ثقة الطالب في نفسه، وتنامي ظاهرة «كُره» العديد من الطلبة وأولياء أمورهم للمدارس وقرارات الوزارة، وازدياد استقالات المعلمين والموظفين في الوزارة، والشكوى من زيادة الاعتماد على العنصر الأجنبي في العملية التعليمية، وعدم اتباع أساليب علمية سليمة لدراسة نفسية الطلبة، وعدم وجود سياسة تواصل مباشر وعلني بين الوزارة والمجتمع واكتفاء الأولى فقط بإصدار البيانات الصحفية، وعدم نزول قيادات الوزارة إلى الميدان والوقوف على شكاوى ومشاكل أولياء الأمور والطلبة بصورة مباشرة ومناقشتها، وتأخر الوزارة بصورة واضحة في الإجابة على أسئلة المجلس الوطني بشأن خلل بعض إجراءات الوزارة. تلك بعض الأمثلة من الشكاوى والانتقادات المتنامية بصورة ملحوظة منذ شهور طويلة من جانب مختلف فئات مواطني الدولة ضد وزارة التربية والتعليم، وهو الأمر الذي يندر حدوثه في مجتمع الإمارات. وهنا يقع على عاتق الوزارة عبء التصدي بكل شفافية وبصورة مباشرة لانتقادات وشكاوى الرأي العام في الدولة مثلما يحدث في الدول المتقدمة، ولكي نتجنب المزيد من الاحتقان والتوتر في أوساط أولياء الأمور وحتى لا تسقط مقولة: الطالب أولًا.