في الآونة الأخيرة أكدت تقارير منفصلة، عن مسؤولين أميركيين، ما كان يخشاه كثير من الخبراء منذ وقت طويل، وهو أنه رغم التصريحات الرنانة المصاحبة لقمة سنغافورة بين الرئيس دونالد ترامب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون، فمن المحتمل ألا تكون هناك رغبة كبيرة لدى بيونج يانج لتفكيك برنامجها النووي. وكشف زميلاي إلين ناكاشيما وجوبي واريك، أن هناك أدلة جمعها مسؤولو المخابرات الأميركية، عقب القمة، تفيد بأن كوريا الشمالية «لا تعتزم تسليم ترسانتها النووية، بل تدرس بدلاً من ذلك سبلاً لإخفاء عدد من الأسلحة التي تمتلكها ومنشآت إنتاج سرية». ورغم أن الكوريين الشماليين ربما أوقفوا الاختبارات الصاروخية خلال الأشهر القليلة الماضية، لكن كما أوضح مسؤول أميركي لـ «إن بي سي»، فـ «ليس ثمة دليل على أنهم يقلصون مخزوناتهم، أو أنهم أوقفوا إنتاجهم.. وإنما المؤكد أنهم يحاولون خداع الولايات المتحدة». بيد أن هذا السيناريو بعيد كل البعد عن إعلانات النصر من قبل ترامب، الذي غرّد قائلاً: «لم يعد هناك تهديد نووي» تمثله كوريا الشمالية. وأفاد كل من «ناكاشيما» و«واريك» في تقريرهما بأن «مسؤولي المخابرات وكثير من الخبراء المتخصصين في شؤون كوريا الشمالية، لديهم رؤية أكثر حذراً، مع الأخذ في الحسبان أن الالتزام المتسم بالغموض الذي قطعه الرئيس كيم جونج أون بنزع الأسلحة النووية من شبه الجزيرة الكورية، يبدو مثل صدى لتعهدات سابقة من زعماء كوريين شماليين، بينما كانوا يواصلون جهودهم الرامية للتسلح النووي سراً». وأضافا: «إن مسؤولي كوريا الشمالية يستكشفون سبلاً لخداع واشنطن بشأن عدد الرؤوس النووية والصواريخ وأنواع وأعداد المنشآت النووية التي يمتلكونها، اعتقاداً منهم بأن الولايات المتحدة لا تعلم النطاق الكامل لأنشطتهم». ولفت زميلاي إلى أن الكوريين الشماليين شغَّلوا «موقعاً سريّاً لتخصيب اليورانيوم يُعرف باسم (كانجسون)»، كانت صحيفة «واشنطن بوست» قد كشفت عنه للمرة الأولى في مايو الماضي. ويُعتقد أن بيونج يانج تمتلك ضعف قدرات تخصيب اليورانيوم في منشأة التخصيب الوحيدة التي أقرت بوجودها. وذكرت «جوناثان تشينج» في تقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» مؤخراً، أن خبراء اطلعوا على صور تم الحصول عليها بالأقمار الاصطناعية، يعتقدون أن كوريا الشمالية تعمل أيضاً على توسيع مصنع لصناعة الصواريخ، يمكنه إنتاج صواريخ بالستية قادرة على حمل رؤوس نووية. وقال «بروس كلينجنر»، المحلل السابق لدى وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية والخبير في شؤون كوريا الشمالية لدى «هيرتدج فاونديشن»، «إن الأنشطة الملحوظة لا يبدو أنها تتسق مع نية كوريا الشمالية في التخلي عن برامج أسلحتها النووية». وأضاف: «لا يبدو أن هناك سبباً منطقياً لمواصلة خطط التوسع إذا أراد النظام تفكيك ترسانته مثلما ستقتضي أية اتفاقية لنزع الأسلحة النووية». لذلك يبدو المسؤولون في إدارة ترامب أقل تفاؤلاً من الرئيس، فوزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، أكد في شهادة أمام الكونجرس أن ترامب يعتقد فقط بأن تهديد كوريا الشمالية قد «انخفض» لكن لم ينته. وأشار أبرهام دنمارك، مدير برنامج آسيا لدى مركز وودرو ويلسون الدولي، أمام لجنة تابعة لمجلس النواب، إلى أن «كوريا الشمالية لم تقدم أية التزامات جديدة بنزع الأسلحة النووية، وإنما في الواقع تراجعت عن التزاماتها السابقة»، وأنه «لا تزال لديها حرية تصنيع مزيد من الأسلحة النووية والصواريخ الباليستية وأسلحة الدمار الشامل الأخرى». يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»