الانفتاح الخليجي على الصين اليوم جاء في وقت تحتاج فيه المنطقة لدولة قوية وذات تأثير اقتصادي عالمي، إن لم تكن صاحبة التأثير الأقوى. ولعلها تستطيع لعب دور حيوي في الكثير من الملفات العالقة، خاصة أن العلاقة بينها وبين إيران ذات بعد تصاعدي منذ وقت طويل. لذا فبإمكان الصين لعب دور مؤثر على إيران في حربها من خلال الحوثي في اليمن. وقد آن لإيران أن تنسحب من ذلك البلد العربي، وأن تترك الساحة لأهله لحل خلافاتهم والوصول إلى تفاهمات تحقن الدم اليمني. آن لإيران أن تعيد حساباتها في كل هذه الدماء التي استباحتها في اليمن وسوريا. فالغليان الذي تشهده إيران اليوم يعكس غضب شعبها الذي سئم من الزج بشبابه في حروب لا ناقة لهم فيها ولا جمل، ناهيكم عن وضع اقتصادي يزداد تردياً بسبب التكلفة المالية للمغامرات الخارجية الإيرانية. لقد بات المواطنون الإيرانيون على علم بلعبة الملالي الرامية لتحويل أنظار الشعب عن العبث الكبير بثروته ومقدراته، والتي يتم تحويلها لتمويل حروب جعلت من إيران دولة عدواً في نظر شعوب المنطقة. وملالي إيران المنشغلون بحروبهم الإقليمية، صنعوا ويصنعون إرثاً كبيراً من الفقر والبطالة والفشل لشعبهم الذي أصبح يمزق صور كبيرهم في المظاهرات التي تملأ شوارع المدن الإيرانية. ولعل إلغاء الاتفاق النووي (الاتفاق الذي اعتبرته إدارة أوباما إنجازاً عظيماً) من جانب إدارة ترامب، مثّل كارثة على الاقتصاد الإيراني والذي سيزيد ترديه من حجم الغضب والاحتجاجات داخل البلاد. ويمكن للصين أن تلعب دوراً مؤثراً اليوم، بحيث توفر على دول الخليج مزيداً من الجهد في معالجة الحرائق الإيرانية، إذا ما توفر الاستعداد الصيني لذلك. لقد تحولت إيران إلى كابوس جاثم على صدور مواطنيها وجيرانها، ولم تزرع بسياساتها الإقليمية إلا الحروب والدماء البريئة. إن إلجام إيران صار مطلباً ملحاً، وعلى أصدقائها أن يسعوا لمنع تصدعات قادمة لا محالة في جدران دولة بدأت تتآكل، بسبب فقرها المتزايد في الداخل ومغامراتها الطائشة في الخارج.