تداولت وسائل التواصل الاجتماعي موضوعا هزيلا عنوانه «لماذا ينهار اقتصاد دبي»، احتوى على بيانات وأرقام لا تستند على مراجع يعتد بها، وإنما جاءت على شكل آراء لشخص مغمور لا يملك مؤهلات اقتصادية تتيح له تحليل اقتصاد دولة أو حتى أية ظاهرة اقتصادية تحتاج لمتخصصين وخبرة في الاقتصاد الكلي. والحقيقة أن اقتصاد دبي والإمارات هو جزء مهم من الاقتصاد العالمي ويتفاعل معه بشدة، فالاقتصاد العالمي له قوانينه وأنظمته، والتي منها ما يتم تعليمه في السنة الأولى بكليات الاقتصاد، والمسمى بالدورة الاقتصادية، وهي تطور طبيعي تمر به كافة اقتصادات بلدان العالم، والتي ربما لا يفقهها كاتب مقالة «اقتصاد دبي ينهار». ففي فرنسا وحدها مثلا تفلس سنوياً 50 ألف شركة، وفي ألمانيا أكثر من 20 ألف شركة، أما في الاتحاد الأوروبي ككل فهناك 2.3 مليون شركة تفلس سنوياً، مقابل 2.7 مليون شركة يتم تأسيسها ضمن التنافس الصحي للأسواق، بزيادة 400 ألف شركة. في هذا الجانب حاول كاتب المقالة المغرضة الاصطياد في الماء العكر، فنهوه إلى مصاعب تعاني منها بعض الشركات -وهي مسألة طبيعية للغاية- لكنه لم يشر إلى الجوانب الإيجابية، كارتفاع عدد الشركات الجديدة المسجلة، وحجم التداول العقاري، وعدد المسافرين في مطار دبي.. إلى آخر ذلك من الأرقام التي تعكس استمرار ازدهار اقتصاد دبي والإمارات عموماً. بعد دقائق على قرأتي للمقالة المذكورة، استلمت رسالة على الهاتف من مستثمر بريطاني جاء إلى دبي قبل أربعة أشهر لفتح فرع لشركته في لندن، حيث أخذته إلى المنطقة الحرة بجبل علي، ومن ثم إلى المنطقة الحرة بالحمرية في الشارقة. رسالته، والتي مازلت أحتفظ بها، تقول: «لدي أخبار جيدة، سأنتقل هذا الصيف مع عائلتي للاستقرار في دبي». هذا مجرد مثال بسيط لكيفية سير الأمور التي حاول الإعلام المأجور من قطر تصويرها بخلاف الواقع، معتقدين أنه يمكن خداع كل الناس كل الوقت. هنا لابد أن نفهم الطريقة التي يدار بها الإعلام القطري، والتي يمكن إيجازها في الآتي: عندما تشعر قطر بفشلها في أي مجال أو بتراجع أحد قطاعاتها الاقتصادية، تبادر لترويج كذبة تصور القطاع المقابل في الإمارات على أنه يعاني نفس المشكلة، والتي هي بالأساس مشكلة قطرية. وإذا ما أخذنا تصريح الرئيس التنفيذي لشركة الطيران القطرية، «أكبر الباكر»، والذي قال إن «شركته ستحقق خسائر كبيرة هذا العام»، سنجد أن الأقلام القطرية شنت حملة تشهير ضد شركتي طيران الإمارات والاتحاد للطيران، لإبعاد الأنظار عن المشاكل الحقيقية للشركة القطرية. وهذه هي استراتيجية الإعلام القطري الذي يدفع لأقلام مأجورة لتشويه الحقائق حول اقتصادات الدول الأربع المقاطعة لقطر. والسؤال البديهي هو: كيف يمكن لاقتصاد دبي أن ينهار في ظل أسعار مرتفعة للنفط تتجاوز 70 دولاراً للبرميل، في دولة يتجاوز إنتاجها اليومي ثلاثة ملايين برميل يومياً؟ إن كل المصادر العالمية، بما فيها صندوق النقد الدولي، تشير إلى أن اقتصاد الإمارات، واقتصاد دبي جزء منه، سيحقق نسب نمو جيدة في عامي 2018 و2019 تبلغ 3%. والغريب أن الحملة المضحكة التي شنت مرتين على دبي أثناء الأزمة المالية العالمية لعام 2008 ثم في عام 2014، زعمت أن المستثمرين الهاربين تركوا سياراتهم في المطار! أما هذه المرة فإن هذه الأسطوانة المشروخة لم تتم الإشارة إليها، إذ ربما أخذ المستثمرون سياراتهم معهم! باختصار، اقتصاد الإمارات، وضمنه اقتصاد دبي، ينتظره وقت من الازدهار والنمو بشهادة منظمات دولية، بفضل الأسس القوية التي يتمتع بها، مقابل اقتصاد قطري معرض لأزمات خطيرة مع استنفاد الاحتياطات المالية واشتداد المقاطعة.