هل هناك جهات رسمية تتحقق من تلقي الطفل للتطعيمات الضرورية، ومن دخوله إلى المدرسة، ومن انتظامه في الدراسة إلى الصفوف المدرسية النهائية، ومن استصدار ذويه كافة أوراقه الثبوتية، ومن سلامته الجسدية والنفسية وتلقيه العلاج لو كان مريضاً؟ وهل هناك جهات رسمية، يمكنها أن تطّلع على أحوال الطفل فيما يتعلق بنيل حقوقه المنصوص عليها في قانون حقوق الطفل لسنة 2016، من حيث حقوقه الأساسية، والأسرية، والصحية، والاجتماعية، والثقافية، والتعليمية، وحقه في الحماية؟ حسب علمي أنه لا توجد جهات رسمية تطّلع على كل ذلك تلقائياً، وتتحرك فوراً في حال وجود خروقات لحقوق الطفل، بل التحرك يكون بعد اكتشاف حالة من الحالات، كأن يبلغ الطبيب الشرطة عن تعرض طفل لاعتداء استدعى نقله إلى المستشفى، أو تبادر إحدى الأمهات إلى إقامة دعوى لإلزام زوجها باستصدار الأوراق الثبوتية لأطفاله، أو اتصال يأتي من فاعل خير إلى جهة رسمية معنية بالطفل عن تعرض طفل في أحد المنازل للإهمال. لكن ما الذي يمكن فعله مع أسرة غير مسؤولة تجاه أفرادها نتيجة انشغال الأب بنفسه، أو بسبب جهله، أو عناده، أو كسله، أو الأفكار الغريبة في رأسه، ويتصادف أن الأم عاجزة قليلة الحيلة، أو هي غريبة عن البلد لا تحسن التصرف، أو أياً كانت الأسباب.. مع العلم أن هؤلاء الأبناء سيخرجون غداً إلى المجتمع الكبير؟ لعل أحد الحلول هو إنشاء مؤسسة لأحوال الطفل، تسجّل من تلقاء نفسها كل مولود إماراتي (كمرحلة أولى)، ثم تتحقق بشكل منتظم من تلقيه حقوقه، إما بالتواصل مع الجهات الأخرى، كالتأكد من إدارة الجوازات مثلاً من استصدار ذويه جواز سفر له، والتأكد من الجهات التعليمية من تسجيله في مدرسة ما، وإما من خلال الزيارة الدورية للاطلاع على شؤونه الأخرى.. والمهم ألا تنتظر هذه الجهة الوصول إليها، فهذا الانتظار قد يطول ويكون التدخّل بعد ذلك في الوقت الضائع، وإنما هي التي تبادر إلى تسجيل كل طفل، والوصول إليه، والتحقق باستمرار من أوضاعه الحياتية. وقد لا ينهي هذا الحل المشكلة تماماً، لكنه سيحد منها كثيراً، إذ يكفي أن تعلم الأسرة المهمِلة أن هناك جهات رسمية تتابع أحوال أطفالها، وثمة زيارات دورية يمكن من خلالها اكتشاف ما يقع للطفل. وفي كل مرة يجري الحديث عن الطفل والأسرة، لابد من الإشارة إلى أمرين أساسيين؛ الأول أن أكثر الأسر لا تحتاج إلى قوانين أو مؤسسات لتقوم بواجبها تجاه أطفالها، وليست هي المقصودة بكل هذا الكلام، وفي المقابل، يكفي وجود طفل واحد يعاني ليكون الأمر مستحقاً العناء من أجله. والأمر الثاني أن الطفل ليس ملكاً لوالديه، وهذه الحقيقة يجب أن تكون واضحة، خصوصاً لمن يديرون تلك المؤسسات، بل الطفل إنسان مستقل له كيانه وحقوقه، وما هي إلا أيام ويخرج إلى المجتمع الكبير، الذي سيدفع ثمن إهمال أسرته له حين كان طفلاً.