ثلاثة من المنتخبات الوطنية الأربعة في الدور نصف النهائي لكأس العالم، وهي فرنسا وبلجيكا وإنجلترا، كما قد يظن المرء، رموز للتنوع الأوروبي. فالمهاجرون وأبناء المهاجرين ممثلون بشكل مفرط في هذه الفرق الرياضية، مقارنةً بالتركيبة السكانية لهذه الدول ككل. لكن قد ينظر المرء أيضاً إلى هذا التنوع كدليل على أن التكامل لا يعمل بشكل جيد في الكثير من أنحاء أوروبا. وكانت التشكيلة الأساسية لفرنسا في مباراتها أمام بلجيكا في الدور نصف النهائي، تضم خمسة لاعبين مولودين في الخارج أو من آباء مهاجرين: صامويل أومتيتي (كاميروني المولد)، ونجولو كانتي (جاء أبواه من مالي)، وبول بوجبا (من أبوين غينيين)، وكيليان مبابيه (من أب كاميروني وأم جزائرية)، وبليز ماتويدي (من أب أنجولي وأم كونغولية).. أي 45% من تشكيلة الفريق. هذا فيما لا يمثل المهاجرون من خارج الاتحاد الأوروبي وأبناؤهم سوى 13.5% فقط من سكان فرنسا، وفقا لمكتب الإحصاء الأوروبي. وكان فريق بلجيكا يضم أيضاً خمسة لاعبين من أصول مهاجرة: نصار الشاذلي (بدأ لاعباً في المنتخب المغربي ثم انتقل إلى بلجيكا)، ومروان فيلاني (من المغرب أيضاً)، وفينسينت كومباني وروميلو لوكاكو (من أبوين كونغوليين) وموسى ديمبيلي (والده ماليٌ). وفي بلجيكا يمثل الجيل الأول والثاني من المهاجرين نحو 12% فقط. ولدى بريطانيا نسبة أكبر من المهاجرين غير الأوروبيين في فريقها، لكنهم لا يمثلون سوى 14% من إجمالي سكان المملكة المتحدة. إن المنتخبات الوطنية في هذه البلدان الثلاثة ونظم اختيار اللاعبين لديها تنتقي أفضل اللاعبين بغض النظر عن أصلهم أو ديانتهم أو لون بشرتهم. فلعبة كرة القدم مبنية على الكفاءة والجدارة. وتظهر الإحصاءات أن نسبة أعلى من مهاجري الجيل الثاني أكثر من السكان الأصليين يلتحقون بالكليات في فرنسا والمملكة المتحدة (وليس في بلجيكا)، لكن وفقاً لتقرير أصدرته منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية عام 2017، فإن أغلبية ساحقة من الشباب من ذوي التعليم المنخفض في تلك البلدان الثلاثة، هي من الجيل الثاني من المهاجرين من خارج الاتحاد الأوروبي. وذكر التقرير أن الطموحات التعليمية تكون عالية بين الأسر المهاجرة، لكن التطلعات التعليمية بحد ذاتها غير كافية، لاسيما عند الافتقار إلى هياكل الدعم والمعرفة التي تركز على كيفية تحقيق الأهداف. ونتيجة لذلك، في بلجيكا، فإن أبناء الأشخاص غير المولودين في الاتحاد الأوروبي لديهم فرص أقل بنسبة 13.2% في الحصول على عمل أفضل من آبائهم. وفي فرنسا تكون هذه الفرص أقل بنسبة 8%، بينما في المملكة المتحدة تكون أقل بنسبة 4%. ويصبح الناس عالقين في وظائف منخفضة الأجر، ويعيشون في مناطق منخفضة الدخل. وهذا يخلق حلقة مفرغة بالنسبة لملايين الأشخاص، حتى وإن كان يعطي للقليلين الموهوبين للغاية الحافز للكد بدرجة أكبر. وفي عمود بصحيفة «التايمز»، كتب اللاعب الفرنسي الدولي السابق «باتريك فييرا»: «عندما كنت أتدرب وألعب كنت أبذل قصارى جهدي، لكن هذا كان يعني أنني أتوق إلى تحقيق النجاح. كنت أحب اللعبة، لكن أيضاً كان لدي الحافز من والدتي. بالنسبة للكثير من الناس في هذه المناطق، لا يوجد عمل ولا مساعدة. فأنت ترى هذا التصميم في الكثير من لاعبي كرة القدم من تلك الملاعب الخرسانية». إن الرياضة، لاسيما كرة القدم، يمكن أن تكون وسيلة مباشرة للخروج من الفقر والعزلة الاجتماعية. يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»