نشرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية مؤخراً تقريراً صحفياً نقلت جزءاً منه عن وكالة «رويترز»، وجزءاً آخر عن دبلوماسيين أميركيين تحدثت معهم. يقول التقرير إن المملكة العربية السعودية ودولاً عربية أخرى قد أوضحت لإدارة ترامب أنها لا يمكنها قبول مشروعه للسلام ما لم يتضمن اعترافاً واضحاً بوجود عاصمة الدولة الفلسطينية في القدس الشرقية، وأضافت الصحيفة أن هذا ينفي صحة التقارير التي سبق نشرها في صحيفة «نيويورك تايمز» عن الموضوع. تضيف «هآرتس» أنها أجرت محادثات تليفونية مع بعض الدبلوماسيين الأميركيين، منهم آرون ديفيد ميلر، وإيلان جولبرج وأنهما أكدا موقف الدول العربية المتمسك بمبادرة السلام العربية. لقد سبق لي كمراقب عربي أن أكد عدة مرات يقيني من قدرة الدول العربية المؤثرة على تعديل صفقة القرن وإقناع الإدارة الأميركية بتعديل الجوانب المنحازة فيها إلى المطالب الإسرائيلية، واستندت في هذا اليقين إلى عدد من المؤشرات العربية، من بينها تصريح لوزير الخارجية السعودي عادل الجبير الذي قال فيه، إن العرب يجرون مشاورات مع إدارة ترامب، وإن الإدارة تستمع إلى آرائنا باهتمام وجدير بالالتفات أن تصريح الجبير المذكور قد صدر بعد قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
منذ أسبوعين، وبتاريخ 19 يوليو، أوضحت أنني كمراقب عربي أؤكد أن هناك مجموعة تحفظات عربية على خطة «صفقة القرن» صمم عليها القادة العرب في مصر والسعودية والإمارات والأردن، وكان لمصر فيها نصيب الأسد بحكم جوارها لقطاع غزة.
إنني ما زلت متمسكاً برؤيتي عن وجود هذه التحفظات العربية وهي: أولاً: رفض القادة العرب لقرار ترامب الذي اعترف فيه بالقدس عاصمة لإسرائيل. ثانياً: رفض القادة العرب قرار ترامب بإضعاف وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين مالياً، واعتبروا هذا القرار مصادرة لقضية اللاجئين الذين شردتهم إسرائيل من أراضيهم وبيوتهم عام 1948. ثالثاً: رفض القادة العرب مساعدة إدارة ترامب في إنشاء طريق التفافي لتصفية مطلب إقامة الدولة الفلسطينية على أرض الضفة الغربية وقطاع غزة معاً، عبر أفكار عقد هدنة طويلة الأمد بين سلطة «حماس» والحكومة الإسرائيلية تنتهي إلى إقامة الدولة في غزة فقط. رابعاً: رفضت قيادة مصر رفضا قاطعاً - ومهما كانت الإغراءات الاقتصادية - فكرة التنازل كما اقترحت صفقة القرن عن جزء من سيناء ليُضم إلى غزة بدلاً من الجزء الذي سيضم لإسرائيل من الضفة الغربية. خامساً- رفضت القيادة المصرية أن يكون المسار الجديد الذي تقترحه إدارة ترامب بشأن تنمية اقتصاد وخدمات قطاع غزة، تحت شعار تخفيف المعاناة الإنسانية لسكانه، مدخلاً لاغتيال فكرة الدولة الموحدة في الضفة وغزة، والاكتفاء بإقامتها في قطاع غزة. سادساً: رفض القادة العرب فكرة تغيير رئيس السلطة الفلسطينية، وفكرة الإتيان بقيادة فلسطينية تقبل صفقة القرن. سابعاً: أبدى القادة العرب استعدادهم للتعاون مع إدارة ترامب في بناء خطة للسلام بشرط أن تتضمن هذه الخطة مبادئ مبادرة السلام العربية القائمة على مقايضة الأرض بالسلام، وإقامة الدولة الفلسطينية على الأرض العربية الفلسطينية المحتلة في حدود الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
*أستاذ الدراسات العبرية بجامعة عين شمس