في بداية الأسبوع الجاري، أدلى رئيس الوزراء المجري «فيكتور أوربان» بخطابه السنوي أمام مجموعة من الأقلية الهنجارية في مخيم صيفي برومانيا، وكرر تصريحاته التي أدلى بها العام الماضي، عندما شنّ حملة على الليبرالية الأوروبية ودافع عن الهوية المسيحية للقارة العجوز، لكن تلك اللهجة القومية النموذجية في ذلك الوقت أضحت الآن أشد قوة.
ويبدو أن «أوربان» يحمل في ذهنه مهمة ثقيلة، مستنداً إلى التفويض الانتخابي الجديد، فزعم أن رفاقه في جناح اليمين بأنحاء أوروبا «يركزون» قوتهم على انتخابات البرلمان الأوروبي «المهمة والحاسمة» في 2019. وأطّر «أوربان» التحدي بلغة تاريخية جذلة، داعياً حلفاءه إلى إسقاط السياسيين الموجودين في السلطة ممن لا تزال «قيم عام 1968» تحفزهم، في إشارة إلى أوروبا التي تدافع عن سياسة ليبرالية ترتكز على حقوق الإنسان وحكم القانون والمجتمعات المنفتحة والشاملة. وقال «أوربان»: «في مايو المقبل يمكننا أن نودع ليس فقط الديمقراطية الليبرالية، ولكن أيضاً نخبة 1986 بأسرها».
ورسم القائد المجري بحسم خطوط المعركة قائلاً: «دعونا نعلن بثقة أن الديمقراطية الليبرالية ليبرالية، وأن الديمقراطية المسيحية ليست ليبرالية، وإن شئتم تعريفها، فهي غير ليبرالية».
ومن أجل هذا الهدف، انضم إلى «ستيف بانون»، المستشار السابق للرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي دشّن مؤخراً من بروكسل مبادرة لتعزيز دور القوميين في أرجاء القارة العجوز داخل الاتحاد الأوروبي. وأثنى «بانون» على «أوربان» في الماضي باعتباره نظيراً أوروبياً للرئيس الأميركي.
ولا عجب، فأوجه الشبه واضحة، إذ بنى «أوربان» حواجز محصنة على طول الحدود الجنوبية لبلاده لمنع دخول اللاجئين السوريين والمهاجرين الآخرين، ويمجد بكل ما أوتي من قوة القومية على حساب القيم الديمقراطية. وينتقد هو وحلفاؤه التغطيات الإخبارية المنتقدة في وسائل الإعلام باعتبارها «أخباراً كاذبة». لكن على النقيض من ترامب، حقق «أوربان» نجاحاً قوياً وملموساً في الدفع بأجندته غير الليبرالية، فتقوضت أشكال المحاسبة لحكمه منذ توليه السلطة في 2010. وبعد إعادة انتخابه في أبريل الماضي، دفعت حكومته بقانون يجرم أي فرد أو منظمة تساعد مهاجرين لا يحملون وثائق رسمية، ومن المفارقة أنه تم تمريره في يوم اللاجئين العالمي!
*محلل سياسي أميركي
يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»