في خطاب تنصيبه في 1993، قال بيل كلينتون: «ليس ثمة شيء خاطئ في أميركا لا يمكن معالجته بما هو صائب في أميركا». عبارة ربما يجدر حاكم ولاية نيويورك بآندرو كومو أن يتذكرها جيدا.
كومو كان في نشرات الأخبار لأنه قال يوم الأربعاء إن أميركا «لم تكن يوما عظيمة جدا». وأضاف قائلا إن الولايات المتحدة «ستبلغ العظمة عندما يصبح كل أميركي منخرطا بشكل كامل» – مشتكيا في الوقت نفسه من أن شعار دونالد ترامب «لنجعل أميركا عظيمة من جديد» هو «شعار ينظر إلى الوراء» ويهدف إلى إعادة البلاد إلى أزمنة مظلمة قديمة.
وبمناسبة هذا الكلام، لعله من المفيد أن نذكّر أنفسنا بما الذي يجعل أميركا بالضبط عظيمة حقا.
إنه في تلك العبارة التي قالها كلينتون: القدرة على التكيف وتصحيح الذات والتجدد، وهي قدرة لا مثيل لها بين الأمم، منصوص عليها في ميثاقنا التأسيسي»:«الحقوق الثابتة»،«موافقة المحكومين»،«السعي وراء السعادة»،«يولد الناس سواسية».
هناك بلدان أخرى تصعد على نقاط قوة تصبح في النهاية نقاط ضعف، وأحيانا سقوط، فالغزو مثلا، جعل روما كبيرة جدا، وفخورة – ومنهكَة بسبب اتساع مساحتها، والنزعة العسكرية وحّدت ألمانيا في أواخر القرن التاسع عشر ولكنها سرعان ما أصبحت مصدَر كوارثها في القرن التالي. والتعليمات السلطوية، التي تصدر من القمة إلى القاعدة، هي التي أنشأت المصانع الصينية وشبكات القطار فائق السرعة، ولكنها تتسبب أيضا في عرقلة التدفق – من القمة إلى القاعدة -للمعلومات والأفكار، والذي يجعل الاقتصادات قادرة على التكيف والإبداع.
وقد عانت الولايات المتحدة أيضا انتكاسات وأزمات وصعوبات، وارتكبت نصيبها من الجرائم. وهناك كتب كثيرة، تعود إلى ثمانينيات القرن الثامن عشر ومستمرة إلى اليوم، تتوقع أفولا قريباً أو تراجعاً على المدى الطويل، كما أن ثمة كتباً كثيرة تصنّف خطايا أميركا الكثيرة، بما في ذلك العبودية، والتطهير العرقي، والغزو، والعنصرية، ومعاداة النساء.
ولكن الموضوع الثابت للتاريخ الأميركي هو الفوز والانتصار عن طريق اللجوء المباشر إلى المبادئ الأولى – وهي مبادئ أبدية وكونية، حتى وإن كانت قد وُضعت من قبل أشخاص منافقين، إنها الطريقة نفسها التي حل بها الرئيس أبراهام لينكولن أزمة البيت المنقسم، والطريقة نفسها التي تمت بها المصادقة على التعديلات الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر – إلى جانب التعديل التاسع عشر.
وهي أيضاً السبب الذي يفسر لماذا عدد قياسي من الأميركيين – 75 في المئة، وفق استطلاع ل«غالوب»من شهر يونيو الماضي – مازالوا يؤمنون بفوائد وإيجابيات الهجرة، رغم الهجوم الترامبي.
والواقع أنه من السهل التنديد ببعض الإطراء المفرط والتعصب الوطني الذي كثيراً ما يرافق عبارة«العظمة الأميركية». كما أنه من السهل الخلط بين العظمة والكمال. ولكن العظمة، وعلى غرار السعادة، تكمن في السعي أكثر منه في التحقيق – وفي سؤال ما الذي نسعى إليه. وهناك عبارة تأسيسية أخرى هي:«اتحاد أكثر كمالًا». فما الذي يعنيه ذلك؟ إنه أمر ذاتي ينم عن وضوح الهدف، واعتراف بعدم الكمال وضرورة التغيير.
وإذا كانت التقاليد الدينية تفرض اليقين، والثقافات تفرض الامتثال، والأنظمة السياسية تفرض الطاعة في أماكن أخرى من العالم، فإن التقليد الأميركي يقوم على أركان مساءلة الذات، وتحقيق الذات، والاختلاف. وهذا أيضا أمر غير مسبوق تاريخيا.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة«نيويورك تايمز»