في شهر أكتوبر من العام الماضي، أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، عن إطلاق استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي والتي تزامنت مع تعيين أول وزير للذكاء الاصطناعي. ولقد أطلق حينها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم مقولته: «نعلن اليوم عن تعيين وزير دولة للذكاء الاصطناعي.. الموجة العالمية القادمة هي الذكاء الاصطناعي.. ونريد أن نكون الدولة الأكثر استعداداً لها».
وبذلك تم حفر اسم الإمارات في تاريخ تطبيقات تقنية الحاسوب المتقدمة، وتحديداً في مجالات الذكاء الاصطناعي. وهذا الأخير له العديد من التعريفات، ومنها أنه سلوك وخصائص معينة تتسم بها برامج الحاسوب لتصبح أكثر قدرة على محاكاة القدرات الذهنية للبشر وأنماط عملهم. ومن أبرز ما تتميز به خواص تلك البرامج هو القدرة على التعلم والاستنتاج ورد الفعل على مواقف لم يتم أصلاً برمجتها في الآلة التي تحتضن برنامج الحاسوب. وقد كان عالم الحاسوب الشهير «جون مكارثي» هو أول من صاغ مصطلح «الذكاء الاصطناعي» في عام 1956، ووضع له تعريف وعرَّفه بنفسه بأنه «علم وهندسة صنع الآلات الذكية». وقد أضحى الذكاء الاصطناعي من أكثر العلوم التقنية تقدماً والتصاقاً بحياتنا اليومية خاصة في المجال المعروف بـ«تعلم الآلة»، والذي يتكون من خوارزميات «تتعلم» عن طريق سبر الأنماط واستخلاص النتائج من البيانات الخام غير المصنفة. وتتميز تلك الخوارزميات الاستكشافية بالاستمرارية في دراسة البيانات، وبناء مكتبة جيدة من الاستجابات الروتينية، وتحويل ذلك إلى حسابات دقيقة تقوم بعد ذلك بتطبيقها لاتخاذ القرارات وحساب التوقعات عند مواجهة أوضاع مماثلة في المستقبل. وقد أصبحت آلات الذكاء الاصطناعي استطاع الجيش الألماني مؤخراً تطوير تطبيقات للذكاء الاصطناعي، تستطيع من خلالها التنبؤ الأزمات والحروب.
يعكس هذا كله الأهمية المتزايدة للذكاء الاصطناعي وتطبيقاته في المحيطين المدني والعسكري، مما حدا بدولة الإمارات العربية المتحدة لاتخاذ قرارها بدخول سباق الريادة في ذلك الحقل، إذ تستهدف الحكومة تطبيق استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي، والتي تمثل المرحلة الجديدة بعد الحكومة الذكية، والتي تعتمد عليها الخدمات، والقطاعات، والبنية التحتية المستقبلية في الدولة بما ينسجم ومئوية الإمارات 2071، التي ستضع دولة الإمارات الأفضل بالعالم في المجالات كافة. وترمي استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي إلى تحقيق العديد من الأهداف من ضمنها الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الخدمات وتحليل البيانات بمعدل 100% بحلول عام 2031، والارتقاء بالأداء الحكومي وتسريع الإنجاز وخلق بيئات عمل مبتكرة، إضافة إلى أن تكون حكومة الإمارات الأولى في العالم، في استثمار الذكاء الاصطناعي بمختلف قطاعاتها الحيوية وخلق سوق جديدة واعدة في المنطقة ذات قيمة اقتصادية عالية. أضف إلى ذلك، التركيز على استثمار أحدث تقنيات وأدوات الذكاء الاصطناعي وتطبيقها في شتى ميادين العمل بكفاءة رفيعة المستوى ودعم مبادرات القطاع الخاص وزيادة الإنتاجية، بالإضافة إلى بناء قاعدة قوية في مجال البحث والتطوير وتطوير أول وثيقة عالمية لتحديد الضوابط الضامنة للاستخدام الآمن والسليم للذكاء الاصطناعي. وتركز الاستراتيجية على قطاعات النقل، الصحة، الفضاء، الطاقة المتجددة، المياه، التكنولوجيا، التعليم، البيئة والمرور.
واليوم نجد الذكاء الاصطناعي يحظى بالاهتمام بل والتطبيق على مختلف الصٌعد، التي تضم الخدمات الحكومية، التعليم، البناء، الصحة والمجال العسكري وغيرها الكثير، مما يؤكد نجاح رؤية حكومة الإمارات أولاً ثم الاستراتيجية التي وضعتها ثانياً، وتهدف تحقيقها ضمن أهداف مئوية الإمارات 2071، والتي ستضع مواطن الدولة في مقدمة مواطني العالم، لكي تستمر ريادة الإمارات في العديد من المجالات ذات التنافسية العالمية ومن أبرزها الذكاء الاصطناعي.