اندلعت احتجاجات لأنصار اليمين المتطرف في مدينة شيمنتس في شرق ألمانيا بعد مقتل رجل من المدينة طعناً بمدية (سكين) في جريمة يعتقد أن مرتكبيها مهاجرون من الشرق الأوسط. والاحتجاجات هي الحلقة الأحدث في سلسلة أعمال الشعب ناجمة في الأساس عن تصور لدى القوميين والنازيين الجدد، بأن ألمانيا تعاني من وباء جرائم طعن بالمديات يرتكبها مهاجرون. ورغم أن الإحصاءات لا تدعم بالضرورة تصاعداً حاداً في هذه الهجمات لكن الوباء يبدو واقعياً عند جماعة صغيرة من الناس مستعدة لأن تقوم بعمل متشدد بناء على معلومات يتلقونها من مواقع التواصل الاجتماعي.
ففي وقت مبكر من يوم الأحد، أصيب رجل يبلغ من العمر 35 عاماً، تشير تقارير لمواقع يمينية أن اسمه «دانيال هيليج»، بطعنات قاتلة أثناء شجار. وفي اليوم التالي، بدأ مسؤول من حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني نشر القصة على شبكات التواصل الاجتماعي. وذكر تقرير في وقت مبكر من صحيفة شعبية أن «هيليج» حاول الدفاع عن امرأة كان مهاجرون يضايقونها. وحظي هذا التقرير باهتمام كبير، ثم نفت الشرطة المحلية ما جاء في التقرير. وذكر الإدعاء أن الطعن وقع أثناء مشادة. وعلى كل حال، فإن «هيليج» داكن البشرة ومن أصول كوبية ومن غير المرجح أن يكون شهيداً لدى النازيين الجدد.
لكن 800 محتج من جماعات اليمين المتطرف احتشدوا يوم الأحد الماضي في شوارع شيمنتس، وقيل إنهم هاجموا ضحايا عشوائيا. ويوم الاثنين الماضي، اشتبك يساريون مناهضون للاحتجاجات مع أنصار اليمين. وربما كان من الممكن ألا يكون رد الفعل على مقتل «هيليج» بهذا العنف لو لم يكن «اليمينيون» غاضبين أصلاً بسبب ما يُشاع أنه تزايد في جرائم الطعن بالمديات منذ توافد أعداد كبيرة من طالبي اللجوء إلى ألمانيا عام 2015. فقد كتب «ماركوس فروهنماير»، وهو نائب عن حزب «البديل» في البرلمان في تغريدة على تويتر يوم الأحد الماضي يقول «إن التصدي لهجرة السكين واجب مدني اليوم! إنها قد تطال والدك أو ابنك أو شقيقك». وهذا النوع من الخطاب اعتمد في جانب منه على استنتاجات مستمدة من إحصاءات رسمية وفي جانب آخر على تقارير متحيزة في وسائل إعلام اليمين والصحف الشعبية. والإحصاءات تحمل دوماً تفسيرات مختلفة. ففي فبراير الماضي، حصل مشرع قومي على بيانات من مجلس شيوخ برلين تظهر أن العام الماضي وقعت فيه 2727 جريمة اُستخدمت فيها مديات في العاصمة الألمانية. والتقط حزب «البديل» هذه الإحصائية وأعلن أن سبع عمليات طعن تحدث يومياً في برلين. بينما الواقع أن الإجمالي تضمن جرائم مثل السرقة بالإكراه التي يجري فيها تهديد الضحية بمدية دون حدوث أي إصابات.
وترى جماعة Correctiv.org التي تستخدمها «فيسبوك» في رصد الأنباء الكاذبة أنه على أساس الإحصاءات في الولايات-فليس هناك إحصاءات لكل ألمانيا- فإن الجرائم التي تستخدم فيها المديات لم تتصاعد بشكل كبير في السنوات القليلة الماضية. وفي خمس ولايات نشرت إحصاءات، على الأقل منذ عام 2013، فإن عدد الجرائم التي تستخدم فيها المديات ارتفعت إلى ما إجماليه 8281 في عام 2017 صعوداً من 6700 عام 2013 أي بزيادة 24% وهي ليست زيادة كبيرة للغاية تقريباً. وتشير جماعة Correctiv.org إلى أنه من الخطأ على الأرجح أن نجمع الأعداد لبعضها البعض لأن الولايات المختلفة لديها تعريفات مختلفة للجرائم التي تستخدم فيها المديات.
ولا يمكن أن تؤدي مثل هذه المصادر الإحصائية الخاطئة إلى أي استنتاجات حاسمة. ففي جانب، فان غير الألمان المشتبه في ارتكابهم جرائم عنف يمثلون 38% من كل المشتبه بهم في جرائم العام الماضي. وفي جانب آخر، ووفقاً لإحصاءات الشرطة، فإن نصيب الأجانب المشتبه بهم مازال ثابتاً بين عامي 2016 و2017 وأن العدد الصافي للأجانب المشتبه بهم انخفض بواقع 1.9%. إذن فإن الجرائم التي يرتكبها الأجانب لم تتزايد بالفعل.
*كاتب روسي مقيم في برلين
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»