انتقدت دولة الإمارات العربية المتحدة على لسان وزير الدولة للشؤون الخارجية الدكتور أنور قرقاش تقرير فريق خبراء «مجلس حقوق الإنسان»، التابع للأمم المتحدة، الصادر بتاريخ 28 أغسطس 2018 حول حالة حقوق الإنسان في اليمن قائلاً:(تقرير الخبراء الْيَوْمَ لا بد لنا من مراجعته والرد على حيثياته ومراجعة ما يقوله عن فظائع «الحوثي» وإجرامه واستهدافه للمدنيين)، كما أعلن «التحالف العربي» أنه بصدد التحضير لاتخاذ موقف مناسب بخصوص التقرير الأممي، الذي اتهم أطراف النزاع المسلح في اليمن بانتهاك القانون الإنساني الدولي، بعد المراجعة القانونية لحيثياته. ويرصد التقرير الأممي الصادر الفترة الممتدة من سبتمبر 2014 إلى يونيو 2018، وكان نتيجةً للتحقيق الذي أجرته اللجنة بتفويض من قبل «مجلس حقوق الإنسان» التابع للأمم المتحدة، وقام بأكثر من 12 مهمة لتقصي الحقائق في اليمن والدول المجاورة.
عند الحديث عن تقرير أممي، يُفترض أن يعكس قدراً عالياً من الموضوعية والحياد في استخدام المصطلحات والتوصيفات قبل الحديث عن تفاصيل الوقائع والأرقام والأحداث التي توثقها، فالإطلاع على التقرير الأممي يثير تساؤلات صارخة حول المصطلحات المستخدمة فيه، فبداية يشير إلى «قوات الحوثي» بأنها «سلطة أمر واقع» وليس ميليشيا انقلابية مسلحة استولت على السلطة من الحكومة الشرعية بقوة السلاح، وقد عكست قرارات مجلس الأمن حقائق تجاهلها التقرير الأممي أبرزها القرار (2201 ) والقرار (2216)، الذي يطالب الانقلابيين بالانسحاب من المناطق، التي سيطروا عليها، وإعادة السلاح إلى معسكرات الدولة، والخروج من المؤسسات الدستورية، التي جرى الاستيلاء عليها؛ بعد الانقلاب مباشرة، كما يعكس التقرير الأممي خللاً واضحاً وانحرافاً في تعامل الأمم المتحدة مع الوضع في اليمن، وفي الموقف من الحرب الدائرة، إذ تجاهل التقرير أن أسباب النزاع، وهي انقلاب «الحوثيين» على الشرعية في اليمن، فيصف الانقلاب «الحوثي» بأنه «نزاع مسلح غير دولي»، بينما يوصف التقرير عبد الملك الحوثي بـ «قائد الثورة» في مخالفة صريحة، وتناقض صارخ لقرارات الأمم المتحدة الصادرة تباعاً بخصوص الحالة في اليمن. فلا يمكن القبول بتبني تقرير أممي ينتظر أن يُعرض أمام «مجلس حقوق الإنسان» لوجهة نظر جماعة «الحوثي» الانقلابية ورؤيتهم، أو أن يصمت عن جرائمهم، وعن الدعم الإيراني المثبت لـ«الحوثيين» من جانب الأمم المتحدة بتهريب السلاح والمقاتلين والخبراء على الرغم من تقديم الأدلة على ذلك، وضبط العديد من شحنات الأسلحة الإيرانية، وتوثيق أسلحة تاريخ تهريبها لاحق لتاريخ القرار (2216). فهذا الصمت والتجاهل يعني عملياً دعم المشروع الإيراني في المنطقة العربية في العراق واليمن واليمن وسوريا، وهو تهديد جسيم لأمن واستقرار كل دول الخليج العربية.
استند التقرير إلى تقارير المنظمات غير الحكومية حول الأوضاع في اليمن، وهو ما يثير التساؤل حول طرق جمع المعلومات والاستدلال ومصداقية المصادر. والأهم من كل ذلك عدم التحيز والموضوعية، إذ تستقي هذه المنظمات معلوماتها المغلوطة من الميليشيات الانقلابية وآلتها الإعلامية المدعومة من إيران وقطر لتسويق مغالطاتها، خاصة أن المحصلة النهائية للتقارير دائماً «إدانة دول التحالف العربي» بالتحديد واستخدام هذه التقارير من قبل المنظمات التي يفترض أن تكون إنسانية وحقوقية لأغراض سياسية بحتة سواء من قبل هذه المنظمات، أو من قبل دول تستخدم ملفات حقوق الإنسان كوسيلة من وسائل سياستها الخارجية لتنفيذ أجنداتها السياسية بعيداً عن الاهتمام الحقيقي والفعلي بأوضاع حقوق الإنسان في اليمن.
وختاماً يحتاج التقرير إلى إعادة تعريف للمصطلحات المستخدمة، وإعادة كتابة استناداً إلى قرارات الأمم المتحدة، وإلى تعريف واضح لدور المنظمات الدولية العاملة في اليمن، وإلى التقارير الصادرة من المنظمات الدولية غير الحكومية، والتي أصبح يستند إليها في تقارير المنظمات الحكومية، إذ علّق فريق «اليمن الدولي للسلام»، المعني بحقوق الإنسان في اليمن على التقرير بالقول: «كنا من دعا إلى التحقيق الدولي في السنوات الماضية، ولكننا اليوم بعد أن وجدنا بأن التحقيق الدولي هو الأخطر على اليمنيين لما أظهر من حقيقة التسييس الواضح في مثل هكذا تقارير التي لم تنظر إلى حقوق الإنسان إلا باعتبارها مجرد صفقات».