تُعرّف السعادة على أنها حالة عقلية أو عاطفية من الإحساس الإيجابي المتميز بمشاعر الغبطة، تتراوح ما بين مجرد الرضا والقناعة وبين الشعور الغامر بالبهجة الشديدة. هذا التعريف على بساطته، لا يعبر بشكل كامل عن المحاولات العديدة لتفسير معنى ومغزى ومفهوم السعادة، سواء من المنطلق البيولوجي البحت، أو من المنطلق الديني العقائدي، أو الفلسفي، أو النفسي، وهي المنطلقات التي حاولت جميعها تعريف مصدر السعادة، وكيفية الحصول على المزيد منها، وسبل الحفاظ عليها بأكبر قدر ممكن، ولأطول فترة. ولذا يمكن القول بأنه لا يوجد تعريف أو مفهوم موحد متفق عليه للسعادة، رغم الرحلة الطويلة للسعادة في الوجدان البشري، وكونها جزءاً لا يتجزأ من التجربة الإنسانية خلال مراحل التاريخ المختلفة، مما حدا بالأمم المتحدة لتخصيص العشرين من شهر مارس، كيوم دولي للسعادة، للتأكيد على أن تحقيق السعادة والغبطة يجب أن يكون هدفاً أممياً.
وربما يكون هذا الاختلاف والتباين في معنى ومفهوم السعادة، ناتجاً عن تباين واختلاف المقاربات أو المداخلات التي تحول تعريفها، وتحديد مكوناتها، ورسم أفضل الطرق وأسهل السبل لبلوغها، فأحياناً ما تكون تلك المقاربات بيولوجية حيوية، أو نفسية اجتماعية، أو دينية عقائدية، أو فلسفية فكرية. ويتضح مدى تعقيد مفهوم السعادة من تواتر الدراسات والأبحاث، ضمن المجال الأكاديمي الحديث نسبياً، والمعروف باقتصادات السعادة، والذي يمزج بين علم الاقتصاد في شكله التقليدي، مع علم النفس، وعلم الاجتماع، بغرض دراسة السعادة بشكل كمي، ونظري، خصوصاً العوامل والمؤثرات الإيجابية والسلبية، ونوعية الحياة، والرفاهية أو العافية، ومدى الشعور بالرضا والغبطة في الحياة.
وحتى الآن لم يعثر العلماء على أدلة تظهر وجود علاقة بين السعادة وبين الحالة الصحية، وإن كان هذا الموضوع يخضع حالياً للدراسة المستفيدة من قبل «لورا كبزانسكي»، الأستاذة بمركز الصحة والسعادة بكلية الصحة العامة في جامعة هارفارد. ويرجح البعض وجود علاقة إيجابية بين المادة الرمادية في جزء محدد في المخ، وبين تقييم أو تقدير الشخص لمقدار السعادة في حياته.
ويختلف هذا الموقف عند دراسة العلاقة بين الضحك وبين الحالة الصحية. فالضحك كمظهر من المظاهر البدنية للسعادة، يعتبر رد فعل لاإرادي، ينتج عن عدد من المنبهات أو المثيرات، الداخلية أو الخارجية. حيث يمكن الدخول في حالة الضحك من خلال الدغدغة والمداعبة، أو من سماع قصص وحكايات ظريفة، أو نكات هزلية، أو حتى أحياناً عندما يدور بخلد المرء أفكار طريفة. وبوجه عام يعتبر الضحك تعبيراً مرئياً عن عدد من الحالات النفسية الإيجابية، مثل الفرح، أو البهجة، أو السعادة، أو الطرب، أو مجرد الارتياح. وفي بعض الأحيان قد يكون الضحك تعبيراً عن حالات نفسية معاكسة، مثل الشعور بالإحراج، أو لهدف الاعتذار، أو لمجرد التعبير عن حالة من الارتباك والتشوش، أو ما يعرف بالضحك العصبي. وتؤثر عوامل كثيرة، مثل العمر، والجنس، واللغة، ومستوى التعليم، والخلفية الثقافية، في تحديد ما إذا كان الموقف، أو القصة، أو النكتة، ستثير حالة الضحك في شخص ما أو لا.
وفي عام 2005 تم للمرة الأولى توثيق التأثيرات الصحية لحالة الضحك، من خلال دراسات أجراها علماء المركز الطبي التابع لجامعة ميريلاند بالولايات المتحدة، وأظهرت أن الضحك يتسبب في تمدد واتساع التجويف الداخلي للأوعية الدموية، مما يؤدي إلى زيادة تدفق الدم للأنسجة والأعضاء. وفي سعيهم لتفسير هذا التأثير، طرح العلماء نظرية مفادها أن حالة الضحك ينتج عنها إفراز مواد كيميائية خاصة (بيتا-إندورفين) من أحد أجزاء المخ يعرف بالـ(هيبوثالامس)، تؤثر على الخلايا المبطنة لجدران الأوعية الدموية، وتدفعها لإفراز مركب أكسيد النيتريك، الذي يتسبب في ارتخاء الوعاء الدموي واتساع مجراه. ويتمتع مركب أكسيد النيتريك هذا بمواصفات أخرى تعمل على حماية القلب، مثل خفض درجة الالتهاب، والحد من قدرة الصفائح الدموية على الالتصاق ببعضها البعض، وتكوين جلطات دموية تسد الأوعية الدموية.
ومؤخراً تزايد الإدراك بأهمية النشاط البدني، ليس فقط على تحسين الحالة الصحية الجسمانية، بل أيضاً الحالة النفسية. فعلى حسب دراسات عدة، يبدو أن ممارسة النشاط الرياضي في أوقات الفراغ أو كوسيلة ترفيهية، يخفض من الشعور بالقلق والتوتر واحتمالات الإصابة بالاكتئاب، ما يعني أن زيادة مقدار النشاط البدني في الحياة اليومية لأفراد المجتمع، لن يمنحنا مجتمعاً أكثر صحة بدنياً فقط، ويجعلنا أقل عرضة للإصابة بالأمراض غير المعدية، البدنية منها والنفسية، بل أيضاً سيجعلنا كأفراد وكمجتمع أكثر سعادة وغبطة.