الفضاء ليس هو الكون، بل هو الفراغ بين الأجسام السماوية، فالكون تسبح فيه مئة مليار مجرة، وفي كل منها مائة مليار نجم في المعدل، أي أن عدد النجوم في الكون عشرة مليارات تريليون نجم. وفي مجرتنا (درب التبانة) 400 مليار نجم، لا نعرف منها سوى نجمتنا الشمس، وكواكبها الثمانية، وترتيبُها حسب بعدها عن الشمس: عطارد، الزهرة، الأرض، المريخ (وهذه كواكب صخرية)، ثم المشتري، زحل، أورانوس، ونبتون (وهي عمالقة غازية). ذكر ذلك عالم الفلك «كارل ساغان» في أشهر كتب الثقافة الفضائية، وعنوانه «الكون»، والذي راجعتُ ترجمته العربية الصادرة في عام 1993 عن سلسلة كتب «عالم المعرفة» في الكويت.
و«الكون هو كل شيء، هذه هي القضية»، قال الفيلسوف الألماني «ويتغنستاين». ومن هذه القضية انطلقت دولة الإمارات العربية المتحدة في خططها لارتياد الفضاء، حيث ترسل العام المقبل أول رائدين فضائيين؛ هزّاع المنصوري (34 عاماً)، وهو حاصل على بكالوريوس في علوم الطيران من «كلية خليفة بن زايد الجوية»، ويملك خبرة 14 عاماً في الطيران الحربي، ووظيفته الحالية قائد طائرة مقاتلة. وسلطان النيادي (37) عاماً، وحاصل على ماجستير ودكتوراه في تكنولوجيا المعلومات، وبكالوريوس في هندسة الإلكترونيات والاتصالات، ووظيفته الحالية مهندس اتصالات، وباحث في أمن المعلومات. وسينطلق الرائدان على متن المركبة «سويوز ام اس 12» الروسية في رحلة إلى محطة الفضاء الدولية، حيث ينضّمان إلى رائدي الفضاء «أوليغ سكريوتشكا» من روسيا (روسكوسموس) و«شانون واكير» من أميركا (ناسا).
«لماذا تقيم الإمارات العربية المتحدة برنامجاً فضائياً بدءاً من الصفر؟»، يتساءل تقرير مسهب في مجلة «سليت» الأميركية، ويجيب التقرير بأنه «ليس لأجل الوصول فحسب إلى المدار الفضائي»، ويوردُ تغريدة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد حول بعثة برنامج «مسبار الأمل إلى المريخ» التي ستنطلق عام 2020، وتستغرق عاماً في الطريق، وتصل «الكوكب الأحمر» بالتزامن مع مرور 50 عاماً على تأسيس دولة الإمارات، وذلك بهدف إنشاء مدينة صغرى ومجتمع تعاوني دولي في المريخ عام 2117. وتذكر المجلة أن «تجربة بناء الإمارات متنزهات مترعة بالمياه، وحتى ميادين تزحلق على الجليد في موقعها الصحراوي، تجعل نجاح خطتها في المريخ قريب المنال».
و«ليس الخطأ في النجوم يا بروتس، بل الخطأ فينا»، قال ذلك الشاعر ويليام شكسبير، وبه استهَليتُ مقالة منشورة في يوليو عام 1989 بمناسبة مرور عشرين عاماً على نزول أول إنسان على سطح القمر، وكنت أتوقع آنذاك سوء حظ العراق، الذي تخّلَف عن المسيرة الفضائية، حسب كتاب «علم الفضاء والعالم العربي» لمؤرخ العلوم الأكاديمي «يورج ديترمان»، وفيه يذكر «إطلاق مركز أبحاث الفضاء العراقي قمراً صناعياً تجريبياً أكمل ست دورات. غير أن الحروب التي خاضها العراق، والعقوبات التي فرضت عليه، كل ذلك أعاق برنامجه لأبحاث الفضاء، وهاجر الكثير من العلماء والمهندسين العراقيين بحثاً عن فرص في أماكن أخرى».
ويصادف العام الحالي مرور خمسين عاماً على تأسيس «مؤتمر الأمم المتحدة المعني باستكشاف الفضاء الخارجي واستخدامه في الأغراض السلمية». ويُختتم اليوم في موسكو «مؤتمر الأمم المتحدة الأول المخصص لقوانين وإدارة الفضاء»، في الصحة العالمية، وقدرة التكنولوجيات الفضائية على الاستمرار في تقديم الخدمات، عند تعطل المرافق الأرضية، خصوصاً في حالات الطوارئ، والأزمات الإنسانية، ورصد الأرض واستشعارها عن بعد، وجمع المعلومات، على نطاق محلي وإقليمي وعالمي، لدعم اتخاذ القرارات المتعلقة بالصحة العامة، ومراقبة الأمراض واحتوائها، والتطبيب عن بعد للقيام بتدخلات صحية مناسبة من وإلى المناطق الريفية أو المعزولة. ومنافع الفضاء للصحة العامة، وللزراعة، وللحفاظ على البيئة، والتنمية المستدامة، وإدارة الكوارث، والتعليم، والمستوطنات البشرية، والبحث والتطوير، والنقل، والاتصالات، وتقديم المعونات الإنسانية، والسلام والأمن الدوليين.