الطواف والترحال في ربوع الإمارات، شيء يبعث على الفرح وحب الطبيعة والحياة، واكتشاف مناطق قد تكون جديدة عند البعض، أو إحياء ذاكرة قديمة، عن الأماكن والمناطق التي قد تكون مرّت بك مرة واحدة منذ زمن بعيد، لم تعد الإمارات ومناطقها المختلفة تشبه ماضياً ما ظل في الذاكرة، لقد تغيرت كثيراً.. لم تعد الأماكن التي تعرفها هي الأماكن ذاتها وإن لم تجد ذاكرة المكان وتصحح من تلك الصور العالقة في ذهنك، فإنك أبداً لن تعرف أماكنك القديمة والتي أصبحت الآن جديدة ومختلفة تماماً. التعرف على البلد، والعودة إلى الزمن البعيد لقراءة الأمكنة شيء رائع وجميل وشعور أن الحياة تتجدد كل يوم، صحيح أن البحر لن يتغير، ولكن الشواطئ والأرصفة والساحل والأماكن المادية المحيطة من دور ومساكن وأسواق ومزارع قد تغير حالها، وقد زادت روعة وجمالاً.
وصحيح أن الجبال لم تتغير، ولكن المحيط بها وأجزاء منها قد تحولت إلى شيء بديع ورائع الجمال، بالإضافات والمساكن المحيطة بها، ويزيد على ذلك الحدائق والمزارع والإنارة، وبعض الأعمال التجميلية والتزيينية للمرافق المختلفة، وقد يشتبه عليك أنك تشاهد هذه المنطقة لأول مرة، بينما في ذاكرتك السفح والجبل، وتعرف مكانهما وموقعهما جيداً، ولكن بعد الغياب الطويل قد لا تصدق أن هذه الأمكنة قد مررت بها يوماً، وقد يخدع خيالك، هذه الطرق والأنفاق والإنارة الجديدة على الجبال التي لا تعرف قديماً غير الليل بسواده الداكن والمخيف، خاصة لسكان السواحل والبحر، أصحاب المدى الطويل والبعيد في الرؤية، بينما الجبال تحتاج لأصحاب الرؤية الفاحصة والمدققة في الأشياء، والتي قد تصل إلى رؤية الذئاب والبوم في صرمد الليل.
بالأمس، كنت أقطع الطريق إلى رأس الخيمة الحبيبة ولي ذاكرة بعيدة في هذه الأرض الطيبة، خاصة عوافي وخت والخران، حيث المعسكرات الكشفية والأحباب، وحدها الجزيرة الحمراء كنت أمر بها مروراً سريعاً دون توقف، ولا يسحرك في هذه المنطقة «جزيرة الزعاب» غير ذلك البحر الجميل والمد والجزر للبحر الطويل والبحيرات الصغيرة التي يكونها مع روعة طيور النورس وطيور البحر المختلفة، وهي تمرح وتستقر بأمان في دار الأمان والجمال الزعابي، حيث المساكن القديمة لأهلها، والتي ترسم حياة الإنسان وكفاحه مع البحر وعزيمته القوية. بالأمس كنت قاصداً هذه الجزيرة الحمراء، حباً وعشقاً لقراءة وتتبع ماضٍ ما بقي في الذاكرة، لقد أعجبت كثيراً بهذه الصورة الرائعة والجميلة التي أصبحت عليها الجزيرة الحمراء بالمنتجعات والأماكن والجمال الذي غير تلك الصورة القديمة في ذهني. لم تعد بيوت متناثرة هنا وهناك وبعض الدكاكين القديمة. ولم يعد وحده ذلك البرج القديم يحرسها، لقد أصبحت رائعة وجميلة مقارنة بالصورة القديمة، الجميل أن نجدد صورنا وتصورنا عن كل شيء.