لطالما كانت الثقافة ركيزة أساسية في تشكيل هوية الأمم، ومصدراً لفخر أبنائها بحضارتهم وتاريخهم، لأنها الجسر الذي يصل الماضي بالحاضر والمستقبل، ومنها يستلهم المفكرون والأدباء والفنانون أفكاراً إبداعية تأخذ مكانتها على الخارطة العالمية. يتجاوز مفهوم الثقافة الآثار والمعالم والصروح التراثية ليشمل جميع وسائل التعبير غير المادي الذي تحتضنه أي أمة بما فيها الموسيقى، والأغاني الشعبية، والتقاليد الشفهية، والعادات، وأساليب المعيشة، والحرف التقليدية، وكل ما تتوارثه الأجيال عبر العصور، ويعبر عن روح الهوية الثقافية للدولة ويجعلها تنبض بالحياة.
تنمو الثقافة وتتطور بفضل تفاعلها مع الثقافات الأخرى من خلال مشاركة أفراد المجتمع مظاهر حياتهم الثقافية والحضارية مثل طبائعهم، وأخلاقهم، وعاداتهم، وتقاليدهم، وفنونهم، وآدابهم مع غيرهم من أبناء الشعوب الأخرى. يسهم التنوع والتعدد الثقافي في نمو الحضارة الإنسانية، ويوطّد التواصل والحوار بين الشعوب، ويرسخ التسامح والسلام قوة حقيقية يسعى العالم إلى تحقيقها، فالدول التي تتواصل عبر الثقافة والفنون واللوحات الإبداعية، تتصدر المشهد العالمي، وتبقى في طليعة الأمم.
لا ينكر أحد الدور المحوري الذي يلعبه الطلاب المبتعثون للدراسة بالجامعات الأجنبية في تعريف زملائهم والمجتمعات التي يعيشون فيها على الثقافة والقيم الوطنية وأشكال الإبداع الإماراتي.. هي إذاً مهمة سامية، ورسالة حضارية، ومسؤولية جماعية لشبابنا الدارسين في الخارج باعتبارهم سفراء الثقافة الإماراتية وهمزة الوصل بين مجتمع الإمارات والمجتمعات العالمية.. وهنا جاءت مبادرة المؤسسة الاتحادية للشباب، المبادرة العالمية لشباب الإمارات، التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، الرامية لتفعيل دور الشباب في صناعة سمعة طيبة عن الإمارات من خلال التعريف بالقيم والثقافة الإماراتية الأصيلة.
دشنت المبادرة مشاريعها الأولى بملتقى شباب الإمارات العالمي في المملكة المتحدة حضره أكثر من 1200 طالب يدرسون في الجامعات البريطانية، كان لنا شرف حضور الملتقى، إذ تحدثنا مع شبابنا، ولمسنا مدى حرصهم على التمسك بقيم ومبادئ وثقافة بلدهم لإيصال رسالة الإمارات الثقافية والحضارية والتراثية إلى زملائهم من الجنسيات الأخرى.. طلابنا هم سفراء الثقافة الإماراتية، ونقطة التواصل الأبرز مع الثقافات الأخرى، ومن خلالهم نستطيع أن نسرد هويتنا، ونروي قصتنا، حتى نرى ثقافتنا في عيون الشعوب الأخرى.