هل الإنسان محب حقيقي، أم أنَّ لكل قصة حب غايتها، وهدفها؟ عندما يقول لك شخص ما لماذا أنت لا تحبني؟ أنا أحبك! فثق أن هذا الشخص لا يحبك، وإنما يريد أن يستولي عليك، يريد أن يحتلك، ويمنعك من حبك لشخص آخر.
عندما يتحوَّل الحب إلى ملكية شخصية، فإنه يتحول من مشاعر روحية إلى مادة من المواد الخام، التي يريد الشخص تكريرها، وإعادة تدويرها، ثم استخدامها استخداماً خاصاً، لا يشاركه فيها أحد.
الحب الحقيقي لا يقبل أنصاف الحلول، ولا الانشطار، ولا الانكسار، ولا الانهيار، ولا الانهمار.
الحب الحقيقي، مثل الطبيعة، متحد في ذاته ولذاته، لا غرض في الحب، ولا عرض، إنه لا ينشأ فجأة، بل هو كامن في الروح، هو موجود بوجود الإنسان، هو كذلك مثل التنفس، مثل الدورة الدموية في الجسد. لمجرد سؤال الشخص عن حبك له، فاعلم أن وراء السؤال حمية أنانية، هدفها استلاب الشيء من الشيء، واحتلال منطقة من العالم اسمها قلب إنسان.
عندما يأتيك الحب بشروط، فهذا ليس حباً، إنما هو عقد شراكة بين شخصين هذه الشراكة تعتمد أولاً على وجود الثقة، ومتى غابت الثقة، تنتهي الشراكة.
في الحب أنت لا تحتاج إلى كسب الثقة، لأنك لا تريد من الشخص مكسباً ما، فأنت في الحب الحقيقي، تحب فقط، أنت لا تفكر في الطرف الآخر إن كان يحبك أو لا يحبك، فهذا شأنه وهذا أمر لا يعنيك.
فأنت في الحب، لا تريد أن تأخذ شيئاً من الشخص الذي تحبه، فأنت تحب فقط، وتعيش الحالة العاطفية كما أنك لا ترى شيئاً أمامك، وإنما ترى نفسك، لأن في الحب يحدث التداخل، ويحدث الذوبان، ويحدث التناغم، كما هو تناغم الوردة والفراشة، وكما هو التناغم بين النهر والشجرة. فلم يحدث أن سألت الوردة الفراشة أن كانت تحبها، أم لا. وكذلك الفراشة لم تفكر قط في حب الوردة لها، هي هكذا تفعل كل صباح تأتي لتشرف الريح، وتشم الرائحة، والوردة تعطي بلا شروط. وعلاقة النهر بالشجرة هي كعلاقة الوردة بالفراشة، لا يسأل أحدهما عن مقدار الحب، وشكله. هما فقط يغرقان في الحب، ويتناغمان في العطاء، فالنهر يعرف أنه يروي الشجرة، كما أنه يعرف أنه لولا الشجرة، لما كانت له أية قيمة، أو معنى، والشجرة كذلك تعرف أنها من دون النهر، فلم تكن لتصبح شجرة، ولكنها لم تعقد أي شراكة مع النهر، بل وجدت نفسها هكذا مغروسة عند ضفافه.
عندما لا تتراكم الأسئلة في قلب الإنسان، يصفو قلبه، يصبح مثل النهر في الصفاء، ومثل الوردة في الشفافية، ومثل الفراشة في الرقة.
الحب كائن بلا أسئلة، بل هو الكائن الوحيد في العالم الذي ينمو بلا أسئلة، بل إن الحب عندما يقع في براثن الأسئلة يصبح شيئاً آخر غير الحب.