هناك لقطات ومشاهد في الحياة تستفز القلب والوجدان، ترسخ في الذاكرة ولا تبرح من الأذهان، تقصر عن وصفها الحروف وتعجز أمامها بحور اللغة، حدثني عن العفوية في أقصى درجاتها رقياً وعذوبة، حدثني عن الجمال، وعن سمو النفس المتمازج مع عظمة السؤدد، حدثني عن ذياب بن محمد، حدثني عن سليل المجد، وعن هذا الشبل من ذاك الأسد، وكيف تجتمع الأنفة والكبرياء والشموخ، مع فيض من الحكمة والوفاء وتواضع الشيوخ.
هي لقطة لم تتجاوز ثانيتين من الزمن، وفي أثناء تكريم سمو الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان للفائزين، في ختام منافسات كأس صاحب السمو رئيس الدولة للجو جيتسو، حاول اللاعب فيصل الكتبي تقبيل كتف سمو الشيخ ذياب، الذي منعه من ذلك، واستعاض عنها «بحبة خشم»، فسار على نهج من رباه، ذلك ذياب، الذي شابه أباه.
نحن بخير فهؤلاء هم قادتنا، وهكذا عرفنا الناس في كافة أنحاء العالم، نحن أبناء زايد وكلنا فخر، ذلك الراحل الكبير الذي بنى دولة من الصفر، وها هي اليوم تعانق السماء، أصبحت حديث العالم بأسره، هنا يجتمع الناس جاؤوا من كل مكان، يعيشون في أمن وأمان، في وطن التسامح الذي ينعم بأمنه ويرفل بعزه، هنا تمخضت الصحراء فولدت معجزة.
كم تمنيت لو كان المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» بيننا، يرى ما نراه، ويشاهد بأم عينه ثمار غرسه، وصنيعة يديه، ليته كان حاضراً ليرى شعب الإمارات والمقيمين عليها، والذين تركهم وصية وأمانة في أيادي أبنائه، فكان جودهم من جوده وإحسانهم من إحسانه، نشهد الله أنهم حفظوا الوصية وصانوا الأمانة.
وكعادتها، ظلت رياضة الجو جيتسو متفردة عن سواها، فحظيت بما لم تحظ به رياضات أخرى، ونال اتحادها ما لم تنله اتحادات سبقته بعشرات السنين، فقد تلقوا كلمات الداعم الأول صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وكان فكره نبراساً لهم، فحققوا ما لم يحققه غيرهم من إنجازات، وعندما يحضر سمو الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان، ليتوج الفائزين في ختام كأس رئيس الدولة للجو جيتسو، فهو تكريم لكل من ينتمي إلى اللعبة، ومكافأة للمنظومة والاتحاد، وثواب مستحق على الجهد والعمل الجاد، أما الجائزة الحقيقية فهي لقطة عفوية، اختصرت ملايين الكلمات وآلاف المشاهد، ومزيج فريد من الشموخ والتواضع لا يليق سوى بذياب بن محمد بن زايد.