عزيزي الكاتب النابه: أنت إذا أخذت نصّاً ليس لك ونسبته لنفسك، تكون قد «سرقته». وإن أخذته وحاولت أن تضيف أو تمسح فيه كلمه أو اثنتين محوّلاً صوت الراوي فيه مثلاً من ضمير المتكلم لضمير الغائب لتبرر نسبته لنفسك، تكون أيضاً قد «سرقته». ولا يهم إن سرقت كتاباً كاملاً، أو فصلاً فقط، أو صفحة واحدة، أو فقرة. المسألة مسألة مبدأ، وليست مسألة كمّ، وكما سارق البعير يعتبر لصاً كذلك سارق البيضة. السرقة في المجمل عمل مشين، قد يضطر له الإنسان تحت ضغط الفقر والحاجة وهنا يكون للقاضي تقدير العقوبة أو العفو، وللمسروق إن أراد المغفرة. والسرقة في السياق الأدبي أكثر قبحاً، لأنها تصدر ممن يفترض بهم الأدب والتأدب، ممن يشيرون بأقلامهم إلى الشر في النفوس البشرية ويدينونه في أعمالهم الأدبية. أنت «أديب» أي إنسان تسامى بروحه وسخّر قلمه للتعبير عن عذابات البشر ونصرة الحقوق، وحين «تسرق» ما ليس لك وتنسبه لنفسك أنت تخرج من زمرة الأدباء لزمرة اللصوص. نعم، هذه حقيقة لا تقبل النقاش. بإمكانك فقط التواري خجلاً حين تُكشف جريمتك، أو إذا امتلكت شجاعة كافية أن تعترف على الملأ الذي ضحكت عليه، الملأ الذي صدقك واشترى كلامك عن الأخلاق والإبداع والسموّ بالروح عن دناءات النفوس الرديئة، وتعلن ندمك وتوبتك وتطلب الصفح والغفران، ولعلّ القارئ يغفر لما استحسنه من إنتاجك مسبقاً، ولعل التاريخ يمحو لما ستسطّره مستقبلاً -مدفوعاً بندمك على سقطتك - من أدب رفيع يحمل رحيق إبداعك وحدك دون شبهة أو شائبة. لكن، أن تخرج مزمجراً مهدداً مَن كَشَفَ جريرتك وعرضها على الملأ متوعداً إياه بالويل والثبور وإظهار ما قد يشينه ويهينه وكأنك تحتفظ بدفاتر سوداء كمستمسك ضد الناس، تكون ما اختلفت في هذا السلوك عن أولئك الذين لطالما حاربتهم بكلمتك في كتبك وكل محفل احتفى بك وبإبداعك الثوري. السرقة جريمة دنيئة ووضيعة، وحين تخرج من «أديب» تصير أكثر دناءة، وحين تصدر من «ثوري مناضل» تصير أكثر وضاعة. الثورة على الظلم من أنبل ما يصل إليه الإنسان من أخلاق، والأدب أسمى صنوف المعرفة، فكيف تتسلق إلى منصة الأدب ثائراً على الظلم وأنت تبني سلّم وصولك بالكذب ونهب الحقوق؟