طرَّش لي واحد من الربع مقطع لقصيدة «الكشخة» لمبدع اللهجة الإماراتية الشاعر حمد علي المزيني. تحتوي القصيدة على قاموسٍ من المفردات المحلية وإن غاب عن مصطلحاتها «بندر حصيروه» ولكنها أبيات مدججة بكلمات مبندرة على شواطئ ذاكرتنا، نلتمس منها عبق الماضي وأصالة اللغة العربية الصحيحة وجذورها في لهجتنا المحلية.
يقول راعي القصيدة في بعض الأبيات:

واسئَلِه عَن كِلمَـة الكَرْخَـة والصمَخْ والخُبْ والرّخَـة
والصّاخْ والصِرْنَاخ والصَخّة والدُوْقْ والدِقْدَاق واللتَخّـة
وخَـــــامِرْ وخُومَــــــــة ومِلْـتَخَــــــــــــــــه وسَــارُوطِي والعِلاّقْ ومِفَرْخَة
والخَايْ والخِتْخَاتْ والكَفْخَـــــة والفَرــــــْخ والفرّاخْ والفَـــــرْخَـة
والفْــــــــــــتَخْ والكَـــــــــخْ والكُـوخَـــــــــــة وطَـــــامِح وخَطْلَه ومَفْصُوخَة
ومصَاوَخْ وامُوحِرْ ومَمْلُوخَة وأتْخَاخَه وخِبْطَه ومَلْبُوخَة
وشَرْجِيّه وشَايِخْ ومَشْمُوخَة ومَرّيـَه ومَــــارِيـَه ومَلبُوخَــــــــة
والحِــــــلْ والحِتْحَــــاتْ ويْلوُخَـــــــــة وفِنْخ خُوخْ وشْخَاخْ مَشْرُوخَة

وبعد غداء يوم الجمعة سألت الجيل الجديد عن بعض هذه المفردات فقالوا بصوتٍ واحد: عيب علينا أن نكون عيالكم وما نعرف هذي الألفاظ! فشعرت براحة نفسية عندما قال أحدهم: الشرهة مب علينا الشرهة على اللي يوم يشوفونا يتخبرون عن العلوم قبل ما ينشدونا عن حالنا؟ أدركت بعد سماع هذه الأبيات أن اللغة الأُم هي موطن الثقافة ومركز البناء الذهني للذات والآخر. نحن لا زلنا إلى يومنا هذا نتحدث بخصوصية أماكن عيشنا وطرائقها ولم تبرحنا لهجات العرب القديمة التي ترصع مخارجها التَّلْتَلَة والشَّنْشَنَة والعَنْعَنَة والفحفحة والكَشْكَشَة.

***
للعارفين أقول: عندما جمعت دروب العلم والثقافة ،البدوي والبحار وساكن قمم الجبال وأهل الواحات وحَّدت إنسانيتهم ومفرداتهم وقيمهم الحسية والخيالية؛ فأصبح للبحر عمق وللجبل قمة وللوديان اتساع وللصدر رحابة وللفكر وجهة نظر وللحوار ممراتٍ وشواطئ. حافظوا على تلك الهوية الخاصة بجمال الأجداد ووسامة الوقت.. الإمارات تبقى نموذجاً شامخاً للاتحاد والتسامح، رابطةً لجميع القطبيات والمحاور التي يعتقدها البعض معضلة. تحل التحديات بكلماتٍ يطبخها الشعر ويتناولها الزمن متناسياً المكان.