يبدو مرهقاً على وجهه علامات السهر والتعب.. وكل حركاته تشي بالسأم. يشعر بالحيرة والغربة.. يقول: لا أستمتع بشيء.. لا أشعر أني أحب أي شيء، لا أشعر بأي فرح.. في الواقع أشعر بالاختناق، لم أعد أعرف ماذا يجب أن أفعل بحياتي. كنت أحمل في يدي كتاباً.. أحب أن أحمل دوماً كتاباً حتى لو لم أجد وقتاً للجلوس وقراءته، وجود كتاب بقربي يشعرني بالأمان، مثل قارب النجاة في سفينة يمكن في أي لحظة أن تغرق. قلت له: خذ هذا.. اقرأ.. القراءة ستدخل السلام إلى نفسك المضطربة. لا يُبدي اهتماماً، يهز رأسه بلا مبالاة. يتصور أنه في واد وأنا في وادٍ آخر، يتصور أني لا أدرك ما يمرّ به، أو لا أهتم بما يقوله، فأعمد إلى تغيير الموضوع. لذلك يقول لا أريد، لا أريد أن أقرأ. الثقافة ورطة لا احتاجها. أتمنى لو لم أقرأ في حياتي، لو كنت شخصاً عادياً أقصى اهتماماته استهلاكية، ربما كنت سعيداً الآن. أقول له: لا تقرأ لكي تكون مثقفاً، اقرأ لكي تكون متوازناً من الداخل، لكي يصفو عقلك ويعتدل مزاجك، لكي تستعيد القدرة على تقدير الهواء الداخل إلى رئتيك، لكي ترى كل الجمال حولك، لكي تستعيد قدرتك على إيجاد الوردة في الصحراء. لكي تشعر بوقع خطواتك على الأرض، لكي تضحك، حين تقرأ ستبدو كل الأمور التي تضايقك أصغر وأبعد وأكثر تفاهة من أن تلتفت لها. اقرأ لكي تكون على ما يرام. أنت على حافة اكتئاب، القراءة مضاد اكتئاب فعال وبدون أي آثار جانبية، هي علاج نفسي وروحي.. صدقني. اقرأ وانقذ نفسك من آلام الأيام وثقل الوجود. الحياة مليئة بالفخاخ، فخاخ الهموم والالتزامات والأعباء والأمراض النفسية، وأوجاع الجسد، والعادات السيّئة، وإهمال الذات، وضياع الشخصية، وفقدان الثقة، وصدمات الغدر، اقرأ لكي تظل بخير، اقرأ لتنجو بنفسك.