لا أشد المتفائلين بالهند، ولا أشد المتشائمين بتايلاند، توقع أن تفوز الهند أحد أضعف منتخبات القارة تاريخياً بالأربعة، وباليوم نفسه تتعادل فلسطين وسوريا، وهي ناقصة الصفوف، وتفوز الأردن على أستراليا.. يوم أقل ما يقال فيه إنه يوم الصدمة والترويع، فلا شيء مضموناً في عالم الكرة، ولا يوجد منتخب ضعيف، وآخر قوي، بل يوجد من يؤمن بحظوظه، ويخطط جيداً من الفئات السنية والدوريات المنتظمة، ويعمل بصمت، من أجل إعداد منتخب ليس بالضرورة أن يحرز المراكز الأولى، ولكنه يرفع رأس مناصريه ومحبيه، فليس المطلوب من كل منتخبات الدنيا أن تحرز كأس العالم، أو كأس القارة التي تلعب بها، بل المطلوب هو أن تلعب بقتالية، وتقدم أفضل ما عندك، وأن تقاتل من أجل اسم وطنك، مهما كانت الفوارق كبيرة بينك ومنافسك، وأعتقد أن الجمهور سيصفق لفريقه حتى لو كان خاسراً عندما يراه مقاتلاً وراء كل كرة، وعندما يرى اللاعبين متأثرين بما يحدث، وليس «لا مبالين»، أو غير واعين لما تعنيه كرة القدم بالنسبة لشعب بأكمله.
بعضهم يقول إننا نحمّل الرياضة أكثر مما تحتمل، ولكن الرياضة هي التي كسرت الجليد في العلاقات الدبلوماسية بين الصين وأميركا «لعبة البينج بونج»، وهي التي منحت العراقيين الفرح ووحدتهم، يوم أحرز منتخبهم أول وآخر ألقابه الآسيوية عام 2007، وهي التي وحدت السوريين على اختلاف أطيافهم واختلافاتهم ومشاكلهم، خلال تصفيات كأس العالم 2018، وهي التي منحتهم احترام العالم كأفضل منتخب لم يتأهل لنهائيات روسيا.
لذلك لا يمكننا القول إن الرياضة لا تحمل بعداً وطنياً، لا بل هي التي تجمع كل أهل الوطن تحت راية واحدة، وهي التي تسعدهم وتحبطهم، وهي التي تمنحهم الأمل، وهي التي تجعلهم ينامون منزعجين، لذلك عندما يتأهل منتخب لكؤوس العالم، أو يحرز بطولة تجد الوطن كله يفرح، ويخرج إلى الشوارع وترى المسؤولين يسارعون لاستقباله، وعندما يعي أي لاعب هذه الفكرة سيلعب بكل جوارحه، ومن دون تقاعس، ومن دون محاضرات، أو خطب رنانة من أحد.
المنتخب الذي يحمل ألوان الوطن، يستحق أن يتم الدفاع عنه تماماً، كما نحمي حدود الوطن وأرضه.
هي رسالة لأحد عشر منتخباً عربياً يشاركون في أمم آسيا بالإمارات، بأننا معكم، ولا نريد منكم أكثر من القتال، من أجل شعار أوطانكم، مهما كانت هوية منافسيكم وأحجامهم.