أقر بأن طعم ميداليات دورة الألعاب العالمية مختلف، وأنني لم أكن أظن قبلها أن كل تلك المعاني ستزاحم رأسي حين أتابع أنباء ما حققه أبطالنا من أصحاب الهمم في المسابقات، وأنني شيئاً فشيئاً أتغير ولا أدري كيف، وأن هذه البطولات التي تتشكل كل يوم من أولئك الأبطال، تسعدنا أكثر مما تسعدهم ربما، وأدرك الآن أكثر أنني مثل كثيرين حولي، كنت بحاجة إلى هذا الزخم والمد، لأنظر حولي، أبعد من قدمي، ومن أصحابي، وحتى من بيتي.. أقر أنني ممتن لأولئك الأبطال وأن ما يحققونه ربما نعجز نحن عن كتابة مثله.. هم فعلاً ملهمون.. هم استدرجونا إلى منطقة مفعمة بالإنسانية، ومنحونا جرعة من الأمل ومن الحياة، ربما لم نشعر بها بالقدر ذاته مع غيرهم.
حصد أبطالنا في اليوم الثالث للدورة أمس الأول، 24 ميدالية دفعة واحدة، تكفل بها نجوم البولينج وألعاب القوى والسباحة والتزلج والدراجات والطاولة والفروسية وكرة القدم الموحدة للسيدات، وهو حصاد وفير جداً، يؤكد أن الاهتمام بأصحاب الهمم أينع وأثمر، ويمثل شهادة نجاح كبرى للقائمين على رعاية هذا الاتحاد وأولئك الرياضيين، ففي النهاية هي منافسة.. لا أحد يحصل على ميداليته بالقرعة، ولا بالعطف ولا بالاستحسان، وإنما بالكفاح والتعب والجهد السخي.
ليست المرة الأولى التي أتابع فيها منافسات رياضية وانتصارات وبطولات وميداليات، لكنها المرة الأولى التي تأتينا مثل هذه البطولة، والمرة الأولى التي تتلون فيها أجواؤنا بهذا الإحساس العام الذي بات يغلف حتى الشوارع، فأصبحت أكثر نقاء وبهاء.. حاول أن تنصت جيداً إلى ما حولك.. حاول أن تطالع أعين الناس باحثاً عن جديد.. صدقاً ستشعر أن شيئاً يحدث.. طبيعي وأنت تستضيف سبعة آلاف وخمسمائة بريء نقي شفاف.. أن يتلون ما حولك.
لن أنكر أن سعادتي بما حققه أبطالنا من أصحاب الهمم يفوق ما حدث لي من قبل مع منتخباتنا كافة، مع الأبيض ومع الأندية.. تساءلت ربما هي طبيعة أبنائنا وامتحان القدر الذي يستوجب منا أن نكون أكثر قرباً منهم، لكن المدهش أنني تأكدت أننا من يحتاجهم أكثر.. هم أقوى وأروع.. هم انتصروا على انكسارات كبرى، نعجز نحن عن مواجهة ربعها أو نصفها.. هم وأولياء أمورهم من تحلو بهم الحياة.. هم من يشرعون نوافذ الأمل أمامنا، حتى لو ظننا أننا من يفتح الباب.
شكراً لأبطال الإرادة.. شكراً لفرسان الرضا والسكينة والوداعة.. شكراً لمن منحونا الفرصة كي نطل على أجمل ما فينا.. شكراً فأنتم الضياء الذي أطل علينا فأشرقنا.. نحتاجكم أكثر.. معكم اكتشفنا أننا لسنا كما نظن، وأنكم أروع مما نظن.

كلمة أخيرة:
أروع اكتشاف «نفسك».. أجمل فرحة «الرضا».. كنز الإنسانية «البراءة»