كلنا عشاق، ومن لا يعشق الناس، لا يعشق الوطن، فالخبر واحد، وكل لا يتجزأ فمن يكره لا يتسع قلبه لحب نفسه، والكاره هو إنسان تجمّدت مشاعرة تحت درجات ما تحت الصفر، ومن يعد الأصفار لا يحصل إلا على نتيجة الصفر.
العشاق وحدهم الذين تطوّقوا بقلادة الفرح، عندما خطب ودّهم الحب، وذهبوا معه إلى حيث ترتفع النجوم، وتفيض السحابات بالماء الزلال.
العشاق وحدهم تكلّفوا مشقة الوصول إلى بئر الماء، من أجل إرواء أشجار الحياة، وتلوين أوراق القلب بالأخضر اليانع.
العشاق وحدهم الذين يعرفون قيمة الأشياء في حضورها وغيابها، والفقدان يشكل بالنسبة لهم عدمية الوجود، وزوال القيمة الإبداعية للوجود. نحن معنيون بالحب، كما هي الحرية التي من صفات الحب، لا شيء يمكن أن يوجد من دون الحب، ولا حب من دون الحرية. لقد كذب المؤدلجون حين وصفوا الحب بالقيد، ووصموا الحرية بالنقيض للحب. عندما يحضر الحب تكون الحرية في الوعي شعاعاً يتدفق من بين الحنايا، وتكون اللواعج تلك الجمرات التي توقد مشاعر الإيمان، بأن الله حب، والوطن حب، والإنسانية جمعاء حب، ومن لا يحب لا يقوى على العيش إلا متسلقاً مثل جراد جائع. من يحب يصون ولا يخون، يحصد ولا يفسد، يبذل ولا يبخل، يجزل ولا يكل، يرفع ولا يخضع، يضيئ
ولا يُطفئ، يجبر ولا يكسر، يضمد ولا يفصد، يقيم ولا يهيم، يحتسب ولا يقتضب، يدبر ولا يعكر، يشكر ولا ينكر، يبحر ولا يدبر، يحبر ولا يضمر، يسر ولا يضر، يحن ولا يكن، يصيب ولا يخيب، يتفانى ولا يتوانى، يمهل ولا يهمل، يود ولا يصد، يمد ولا يرد، يمر ولا يكر، يقدم ولا يهدم، يبني ولا يدني، يذهل ولا يذبل، يزهو ولا يغفو، يسفر ولا يغبر.
العشاق كائنات تخففت من الألوان السوداء، واقتعدت البياض أريكة التعاطي مع الآخر، بحسن سريرة وصفاء سجيّة.
العشاق وحدهم الذين أخلوا ساحاتهم من الغبار، ونظفوا سجادة الحياة من بكتيريا الصغائر.
العشاق وحدهم الذين يذهبون إلى الوجود، بأناشيد تطرب الطير والشجر، وأحلام تلون عيون الناس بالبريق الأنيق.
العشاق وحدهم الذين يزخرون بالفرح، ويملأون الحياة بأزاهير القناعة والرضى.