اسمها زليخة المنصوري.. فتاة مغمورة تجلس على كرسي متحرك، بقدم مكسورة، ولسان طليق فصيح، رغم ثقل كلماته.. هيئة من الوهلة الأولى تبدو هزيلة، وعمر يبدو في سن المراهقة، أو ربما أكثر، تسأل حين ترى هذا المنظر، ماذا ستقدم، ولماذا ترتدي الزي الرياضي الرسمي لبعثة الإمارات، شخصيتها ملفتة للأنظار، فلا تكاد أن تمر دقيقة، إلا وتنشر الابتسامة لمن حولها.. بداخلها طاقة رهيبة، وفي وجهها حافز، وكأنها ستواجه العالم بعد قليل.
تركتها وأنا أسأل ماذا ستقدم، وماذا سأكتب أنا، ظلت الأسئلة محيرة إلى أن حل المساء، فجأة وكأن القدر أراد أن يجيب عن هذه التساؤلات أمامي.. نفس الفتاة تجمع حولها الناس ما بين مهنئين ومصفقين ومشيدين، الخبر كان فوزها بالمركز الثالث والميدالية البرونزية في منافسات تنس الريشة.. قال من يرافقها إنها أصيبت بشرخ بسيط في ساقها، ولكنها استمرت، وواصلت حتى حققت المركز الثالث، وقالت تبريراً يبدو عادياً عند البعض، ولكنه يحمل أمراً لا يقدر بثمن.. سأكمل من أجل «البلاد».
عن نفسي لن أسأل تلك الأسئلة التقليدية، والتي تتمحور عن سر كفاحها وسر ولعها باللعب وسر إصرارها رغم إصابتها، وسر ابتسامتها التي لا تفارقها، رغم كل ما تعانيه، ولكن من حقنا أن نعرف من أين جاءت بهذه القوة في الشخصية، ومن أين أتت بهذه العزيمة، ومن جعل ولاءها لوطنها أكبر حتى من آلامها.. إنها البيئة والعائلة والتربية الحسنة التي حولت ابنتهم من فتاة، ربما تشفق عليها إلى بطلة حقيقية تقدم درساً لكل الإمارات.
في السابق، كنا نظن أن قوة الشخصية، تكمن في صفات كثيرة، ولكن حين رأيت زليخة المنصوري أدركت معنى الشخصية القوية، وتعلمت معنى أن تكون إرادتك أقوى من الظروف ومدى أن تكون أهدافك مقدسة، وإن الابتسامة العفوية تختصر آلاف الكلمات والعبارات والعناوين وحتى المقالات، هي قصة جاءت من أسرة أصيلة وبلد عظيم.

كلمة أخيرة
كفو يا ابنة المنصوري وكفو من رباكِ.