بالقدر الذي يسعد فيه الجميع بهطول الأمطار، لما تمثله من رحمة وخير عميم، وبالذات على المزارعين، والبلاد عامة، ولما تسهم فيه من زيادة الموارد المائية والجوفية منها تحديداً، أقول بذات القدر هناك جهات أخرى تعيش حالة طوارئ على مدار الساعة للتعامل مع ما ينجم عن هذه الأمطار بحكم مسؤولياتها في التعامل معها، وهناك آخرون ممن يعتريهم القلق من تجمع المزن وتساقط الغيث، وهم الذين لم يقوموا بعملهم كما يجب لتجيء المياه الغزيرة لتغسل، وتكشف ما أرادوا إخفاءه من تقصير في تنفيذ أعمالهم على أكمل وجه، وفي مقدمة هؤلاء، بعض النوعية من المقاولين الذين لا يوفون بعهودهم، فترى أعمالهم تتكشف أمام الجميع، سواء أولئك الذين ينفذون شبكات التصريف، أو الطرق أو الدور السكنية. ما قاموا به من أعمال غير مطابقة لما تعهدوا به ينكشف أمام أول اختبار في مثل هذه الظروف والأحوال.
خلال الأيام القليلة الماضية، كانت معظم مناطق البلاد واقعة تحت تأثير تغييرات في الطقس، وشهدت هطول أمطار غزيرة ومتوسطة، وقد تعاملت مع تداعياتها الدوائر المختصة بكل كفاءة واقتدار، لا سيما البلديات ودوريات المرور بحكم الخبرات المتراكمة، وكذلك تطور الاستجابة للطوارئ وتدريبات حسن الاستعداد لها.
واقعة سقوط أجزاء من بناية سكنية قديمة في سوق رأس الخيمة وطريقة الإخلاء وإيواء سكانها، تكشف القدرات الاحترافية لرجال الدفاع المدني وشركائهم في الطوارئ والأزمات، بما في ذلك البلديات وحتى الجمعيات والمؤسسات الخيرية، وفي مقدمتها «الهلال الأحمر» الإماراتي.
ومن الدروس المستفادة من الواقعة، ضرورة مراجعة أحوال البنايات إجمالاً والقديمة منها خاصة؛ لأننا نشهد الكثير منها، وبسبب تدني إيجاراتها تستقبل ما يفوق طاقتها الإيوائية، وتشهد تمديدات صحية وكهربائية تزيد من القدرة المحددة لها في المخططات. لقد كان من لطف الله وسرعة تحرك الأجهزة المختصة أن مرت الواقعة بسلام، ومن دون تسجيل أي إصابات، ولكنها كانت بمثابة جرس إنذار لتعزيز الاستعدادات والإجراءات الوقائية، وهي من دروس الطوارئ والأزمات المستفادة، وتؤكد نجاعة الخطط بعيدة المدى، والرؤى التي اعتمدتها الجهات المعنية لمثل هذه الأحوال والظروف.
التحية والتقدير لكل الجنود المجهولين الذين كانوا في قلب كل تلك الظروف من أجل مساعدتنا على أن يمضي كل شيء في حياتنا اليومية بيسر وانسيابية، ولسلامتنا وسلامة فلذات أكبادنا، وحفظ الله الجميع.