عندما تصبح المرأة مثل سجادة قديمة، تكتئب غرف الحياة، ولا يرى الرجل غير أفق ضيّق حالك السواد. عندما تصبح المرأة أغنية حزينة، يقطب جبين الرجل، ويكفر وجهه، ويجف ريقه، ويستدعي التاريخ كي يأخذه إلى طفولته الأولى، يصبح طفلاً، تيتّم باكراً، ولا معين له غير صرخة الميلاد الأسيفة.
عندما تصبح المرأة قوقعة فارغة، يصير الرجل حشرة حائرة، تبحث عن ملاذ، ولو على طرف عين مقذية. عندما تصبح المرأة جهاز هاتف انفض شحنه، يصير الرجل كمن وقع في جزيرة نائية، ونساه التاريخ على بقعة رمل ملحيّة سمجة.
عندما تصبح المرأة مثل قناة تجريبية، تبث صوتاً بلا صورة، يصبح الرجل مثل أبله، يستمع إلى لا شيء. عندما تصبح المرأة مثل باقة ورد بلاستيكية، ينظر الرجل إلى الألوان، ولا يشم الرائحة. عندما تصبح المرأة نقطة ضوء خافتة، في شارع مزدحم، يتعثر الرجل ويسقط أحياناً، ويدمى قلبه. عندما تصبح المرأة كأساً مثلومة، لا يستطيع الرجل أن يلثم رشفته الذروة القصوى، فتنتهك آدميته، فينكفئ ويخبو جبينه مثل «قاع صفصفاً».
عندما تُمارس المرأة لعبة الشيطان والغواية، يبدو الرجل أضعف من جناح بعوضة. عندما تنحني المرأة، ينكسر ضلع الرجل، وعندما تشخص المرأة، تذبل أسئلة الرجل، وعندما تراهن المرأة على جمالها، يبدو الرجل كمن يصول في سوق لبيع الأدوات المستعملة، عندما تفكر المرأة في المادة، يفكر الرجل في مصدرها، وقد يضل ويزل ويخل، ويذهب بعيداً في المسعى، إلى أن تقع القدمان في الحفرة السوداء.
عندما تشمئز المرأة من أثاث البيت القديم، يضع الرجل يده على قلبه، فلا يجد المرأة، وعندما تبحث عنه، تجده يقرع أجراس الخطر. عندما تسترسل المرأة في الحديث عن جارتها وأسباب رخائها، يفكر الرجل في زوج الجارة، وربما يفكر فيه بسوء نية. عندما تتأمل المرأة وجه الرجل، فإنما تقرأ في ملامحه، كم عدد النساء في حياته، عندما تصمت المرأة، فتأكد أنها تجهز لحكاية جديدة، فتحت الصمت خيوط لتفاصيل أكثر تعقيداً. عندما تضحك المرأة فإنها تمهد لقصة حزينة، ربما لم تكتمل أحداثها بعد. عندما تتحدث المرأة، فإنها لا تتحدث بلسانها، بل بلسان جارتها، وأمها، وأختها، وأحياناً جدتها.