زادنا الله من فضله، فنشأت وإخوتي في بيوت علم وثقافة وجمال، وتربينا على احترام الآخر مهما كانت منزلته الاجتماعية وأملاكه. وأهم ما في تلك التربية، أننا تَدَربنا على أساسيات «الذكاء الاجتماعي» و«التعايش السلمي» مع الآخرين، وكانوا يدربوننا على الصدق، والأمانة، وحب غيرنا، والكرم، والتفاني، والولاء، والنأي عن الغيرة والحسد، وأن نعيش على قدر ما لدينا.
كانت والدتي تقول لنا دوماً «الله اهو المعطي والذي أعطى الناس سوف يعطيكم. دعوا قلوبكم سليمة وتذكروا أن سوء الظن يقود إلى الآثام». أتذكر ذلك جيداً وكثيراً. كسبنا هذه القيم حتى أصبحت ضلعاً من أضلاعنا وجل ما يظهر للعالم من شخصنا وشخصيتنا.
كنت أستمع لشخصية مهمة وهو يتحدث عن القوة الناعمة وكان يتجول بين تعريفها ومخرجاتها بعيداً عن محطة الشيخ زايد - طيب الله ثراه - فهو لم يخبر العالم الآلية التي اتخذها الباني المؤسس في تحويل مسار الفكر والمفهوم والسلوك واتحاد ذلك في الأفراد والمجتمع، كما غاب عن فكر المحاضر أن الدروس اليومية والمواقف الإنسانية والقرارات الحكيمة التي تتخذها القيادة القدوة في الدولة، تصنع وتعزز هذا النموذج الفريد.
قالت أم خالد: عزيزتي عائشة، بعض دول العالم تطبق مثَل «صمخ النواخذه»، ولو تنظر هذه الأمم إلى نموذج الإمارات وتلاحم قيادتها مع الشعب، فهم يستمعون للصغير قبل الكبير، ويسهم ذلك إيجاباً في مبادلة الناس للمحبة والمودة. يقول الشاعر: وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت... فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا. فقلت لها: صدقتِ، نحن «وحليلنا» نسامح ونصبر ولا نستطيع أن نكون على غير ما تطبعنا به مهما كان الحال... وذكرني بيت القصيد بمناهج التربية والتعليم في الأيام الغابرة عندما كان الشعر والأدب العربي والبلاغة والنحو العمود الفقري لمادة اللغة العربية... مَن مِن أبنائنا يذكر بيتاً شعرياً يستعيده ويوظفه في حياته اليومية كما كنا في سالف العصر والزمان؟!
***
للعارفين أقول، أعجبني ما أرسلته صديقة عبر الهاتف الذكي، تقول الحكمة إن «شيئين يحددان من أنت: صبرك عندما لا تملك شيئاً، وأخلاقك عندما تملك كل شيء. أنت رائع حين تتجاهل من يسيء إليك، وكريم حين تخفف من أحزان غيرك، ولطيف حين تهتم بمن حولك، وجميل عندما تبتسم مهما كانت الظروف».. وهذا هو التسامح مع الذات والآخرين ومن أهل منظومة «عيال زايد».