بعيداً عن الظروف الاستثنائية التي نمر بها بسبب تداعيات تفشي وباء كورونا في العالم الذي نحن جزء منه، والظروف التي استوجبت تبني تجربة التعليم عن بُعد، وكذلك العمل، وقرار تمديد التجربة بالنسبة للمدارس حتى نهاية العام الدراسي، ولدوائر العمل الحكومي لحين إشعار آخر، نقول إن تجربة التعليم عن بُعد كشفت في المقام الأول رجاحة النهج الذي نبني عليه تجربتنا التعليمية والبنية التحتية المتطورة التي تقوم عليها التجربة وننطلق منها، لكن تظل المشكلة دائماً في التطبيق غير المتوازن، خاصة من جانب المدارس الخاصة التي تفتقر لكفاءة التفاعل بين المعلم أو المعلمة والطالب والطالبة، وتحول التفاعل لمجرد أسئلة وواجب يُطرح على الطلاب، والمعلمون ينتظرون الإجابة لتصحيحها ورصد الدرجات، وليتحول العبء التدريسي والمراجعة على الوالدين وأولياء الأمور.
تلقيت رسالة عبر بريدي الإلكتروني من أمهات يشكين «طريقة إرسال المادة والواجبات المطلوبة وكثرة المواقع التي يجب الدخول إليها باسم مستخدم ورقم سري خاص بكل موقع، وفرض إنزال برامج جديدة»، وذكرن أنه «مع عدم توافر حواسب محمولة خاصة بكل طالب، تسبب في (ربكة) وعدم استقرار في نظام بيوتنا، خاصة عندما يكون هذا البيت فيه أكثر من خمسة طلاب في مراحل وأنظمة مختلفة».
وتذكر الرسالة «إن الأم أصبحت مسؤولة عن متابعة كل ما يرد من المدرسة عبر هاتفها المحمول، وباتت تقضي يومها في حالة بحث وتعلم وإنزال وطباعة ومتابعة الأطفال لحل الواجب، وفي سباق مع الزمن للانتهاء قبل الزمن المحدد لتسليم الواجبات، وحتى بمساعدة الأمهات في مجموعات (واتس أب) لم تتمكن أغلبهن من احتواء كل ماهو مطلوب، فنحن لسنا جميعاً في مستوى واحد من المؤهلات العلمية، ولا في نفس مستوى الاستيعاب والتعامل مع الأجهزة وعالم الإنترنت، ناهيكم عن اللغات المستخدمة، وناهيك عن التزاماتنا تجاه كل من في المنزل».
وختمن رسالتهن بدعوة المسؤولين لمتابعة الطريقة التي تدير بها المدارس الخاصة التجربة التعليمية الجديدة على مجتمعاتنا من خلال «إعادة تقييم المقررات وتبسيطها أو إلغائها على الحلقات الصغرى واحتساب درجات الفصل الدراسي الأول أو مراعاة الأمهات الموظفات لحين انتهاء فترة الدراسة عن بُعد».
وجهة نظر تتطلب وقفة لتحقيق الغاية من التجربة والوصول إلى الأهداف المطلوبة من العملية برمتها، وفي الوقت ذاته إثراؤها وتطويرها لمصلحة الأجيال.